تشير كل استطلاعات الرأي العام الأميركية إلى تقدم المرشح "الديمقراطي" باراك أوباما في انتخابات يوم الرابع من الشهر الجاري، ويعود تقدم أوباما إلى الحملة الانتخابية التي أدارها باقتدار كما أنه يتمتع بمواصفات ومؤهلات فريدة تجعل شخصيته كارزمية وقد ساعدت الأزمة الاقتصادية العميقة التي تشهدها الولايات المتحدة وشملت تداعياتها دول العالم أجمع. ما هي أهم التحديات التي ستواجه الرئيس الأميركي القادم؟ بالتأكيد ستكون الأزمة المالية والاقتصادية وكيفية معالجتها من أول أولوياته، وقد أكد المرشح "الديمقراطي "أنه ينوي بناء شراكات جديدة لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين ولاستعادة المكانة الأخلاقية للولايات المتحدة، وأقر بأن تحقيق أهدافه الخاصة بالاقتصاد والرعاية الصحية لن يكون سهلاً معتبراً أن تكلفة الأزمة الاقتصادية والحرب في العراق تعني أن واشنطن سيكون عليها التقشف وتقليص النفقات على أشياء غير ضرورية. ستكون منطقة الشرق الأوسط من أهم القضايا والتحديات التي ستواجه الرئيس الأميركي القادم، خصوصاً كيفية التعامل مع العراق الذي لم توقع حكومته حتى الآن الاتفاق الأمني مع الولايات المتحدة بسبب خضوع معظم الأحزاب الشيعية الحاكمة للنفوذ الإيراني المتزايد في العراق. المرشح الديمقراطي أعلن في حملته الانتخابية نيته وضع حد للحرب في العراق إذا ما تمكن من الفوز، وحث الحكومة العراقية على النهوض بمسؤولياتها، وقال في كلمة له إن الحفاظ على أمن الولايات المتحدة لا يتطلب أن يختار الأميركيون بين الانسحاب من العالم والقتال في حرب دون نهاية في العراق، وأضاف إن الوقت قد حان لوقف إنفاق 15 مليار دولار شهرياً في العراق في الوقت الذي تجلس الحكومة العراقية على فائض مالي ضخم. لكن ماذا عن تزايد النفوذ الإيراني في العراق؟ ينوي أوباما، فيما لو وصل إلى البيت الأبيض، إجراء حوار مع إيران حول مستقبل العراق، لكن موقفه من التسلح النووي الإيراني يثير عدة تساؤلات حول السياسة الأميركية تجاه طهران في حالة استمرارها في تخصيب اليورانيوم.. هل ستهاجم الولايات المتحدة طهران، أم أن الرئيس القادم سيعطي الضوء الأخضر لإسرائيل للقيام بذلك الهجوم؟ هنا قد تؤدي هذه السياسة إلى انفجار الأوضاع في المنطقة، خصوصاً في العراق وسوريا ولبنان وقطاع غزة ضد الولايات المتحدة، إذ يوجد هناك نفوذ متزايد لإيران، ويحتمل أن تتضرر المصالح الأميركية بالمنطقة كلها تقريباً.. لكن ليس متوقعاً أن يلجأ الرئيس الجديد إلى قرار الحرب ضد إيران في بداية عهده... قد يلجأ إلى خيار الحوار مع إيران وفي نفس الوقت يعزز تعاونه مع الاتحاد الأوروبي لصياغة تصورات جديدة لكيفية التعامل معها. أما فيما يخص القضية الفلسطينية فلن يتغير الوضع كثيراً، فالحزب الديمقراطي حليف قوي لإسرائيل تاريخياً، بسبب نفوذ جماعات الضغط اليهودية داخل الحزب... لذلك من المتوقع أن تستمر السياسة الأميركية الداعية إلى قيام دولتين فلسطينية وإسرائيلية.. فالولايات المتحدة تريد مزيداً من التنازل العربي الفلسطيني لإسرائيل وفي الوقت نفسه تضغط على إسرائيل لمنعها من التوسع في نشاطها الاستيطاني. ماذا عن الإرهاب؟ المرشح أوباما أعلن في أكثر من مناسبة عن عزمه التركيز على أفغانستان وباكستان كمنبع للإرهاب الدولي، لكن في نفس الوقت قد تجري الولايات المتحدة حواراً جاداً مع حركة "طالبان" أملاً في الوصول الى صيغة توفيقية تنهي هذه الحرب المدمرة، فالوصول إلى السلام أفضل من استمرار الحروب... وأخيراً ماذا عن دول الخليج؟ سوف تستمر السياسة الأميركية في الخليج كما هي، لكن ربما يتزايد النفوذ والتواجد الأميركيان في حالة عدم التوصل إلى اتفاق أمني بين واشنطن وبغداد.. فالولايات المتحدة لن تتخلى عن دول الخليج المعتدلة في عهد أوباما. د. شملان يوسف العيسى