جاء في كتاب "صعود وسقوط القوى العظمى" للمؤرخ الأميركي بول كيندي، أن سواد المؤرخين يذهبون إلى أن الحضارة الإسلامية هي حضارة أخلاق، في تفسيرهم لقوله تعالى: "ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد. وثمود الذين جابوا الصخر بالواد. وفرعون ذي الأوتاد، الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد...". إن العالم يدخل مرحلة جديدة تذكر بوضع روما بعد معركة زاما عام 146 ق. م، وقد رأى "أوسفالد شبنجلر" في كتابه "أفول الغرب" أن نهاية قرطاجنة أعلنت نهاية روما، وهي نفس نبوءة الهنغاري "سيلارد" بعد الزلزال الاقتصادي في خريف عام 2008، فانتهت الجمهورية لتتحول إلى دولة استعمارية، سبب تمددها في حوض المتوسط، وفقدان قدرة تقرير المصير عند شعوب المنطقة أكثر من حيوية روما. وهو الذي يفسر استرداد الإسلام المنطقة بمعارك رمزية في القرن السابع الميلادي لأنه وجد شعوباً ترحب بقدومه. قال وليام فاف عن الموت الوشيك لأميركا ما يلي: "تنبأ عالم الفيزياء النووية ليو سيلارد ذات مرة بأن يؤدي سقوط النظام السوفييتي في نهاية المطاف إلى سقوط النظام الأميركي. وقال إن العلاقة في نظام يقوم على مكونين تكون من الترابط بحيث لا يستطيع الواحد العيش والاستمرار بدون الآخر. وإذ أعترف بأنني لست في موقع يسمح لي بشرح وتفسير الأساس المنطقي لوجهة نظر سيلارد، إلا أننا نرى النتيجة اليوم في النظام المالي، وفي الحروب. وأعتقد أن سيلارد كان يلمح إلى ما كشفه أيضاً خصم ذكي جداً للولايات المتحدة حين وضعت الحرب الباردة أوزارها، وهو "جورجي آرباتوف"، الرئيس السابق لمعهد الولايات المتحدة وكندا في الاتحاد السوفييتي، حين قال لمخاطبه الأميركي: "نحن على وشك القيام بشيء خطير حقاً ضدكم، إننا سنحرمكم من عدوكم"! فبدون العدو، تبدأ آلة القوة في الاشتغال بدون أن تجد شيئاً يقاومها، فيحل جنون العظمة ويستحكم فيها. ثم إن نهاية الحرب الباردة تزامنت مع بداية النظام المالي المعولم في الولايات المتحدة في عهد إدارة كلينتون، والذي تميز بمقامرات ومجازفات أكبر وأكثر جرأة حلت فيها نفسية الجشع والإفراط محل قيود وتوترات الحرب الباردة. وهكذا، يمكن تفسير الأزمة الاقتصادية التي ضربت الولايات المتحدة باعتبارها النتيجة المنطقية لنظام مالي وصل إلى نقطة، حيث لم يعد يوجد حد لما يمكن أن تجنيه منه، حتى حين كنت غير قادر على فهم الصفقات التي تعقدها. بيد أن الأقل وضوحاً بالنسبة لمعظم الناس، وإن لم يكن الأقل واقعية، هو مؤشرات سقوط وشيك لنظام أميركا العسكري (البنتاجون) والذي تفاقمت فيه منذ نهاية الحرب الباردة المشاكل إلى درجة خرجت عن السيطرة. والعالم اليوم يقبل على تحول وتفكك، فهيئة الأمم المتحدة تحتضر، كما احتضرت وماتت من قبلها عصبة الأمم. وجامعة الدول العربية جثة تفسخت وفاحت رائحتها منذ زمن بعيد وتحتاج للدفن. ومجلس الأمن أصبح مجلس رعب، مهمته الأولى تعطيل العدل في العالم بحق الفيتو الذي تملكه مجموعة من خمس دول. أما مجموعة دول عدم الانحياز فدفنت مع جثث تيتو ونهرو وعبدالناصر. ومنظمة المؤتمر الإسلامي شبح لا يضر ولا ينفع. والاتحاد الأفريقي مثل ساحر القرية الأفريقي، يرقص بالحربة ويداوي المرضى بطرد الجن والعفاريت!