أصبح مفهوم "المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات" من المفاهيم المتداولة والمطروحة بكثرة على الساحة الإماراتية خلال الفترة الأخيرة، وذلك في ظلّ المبادرات المختلفة التي تتعلّق به وتهدف إلى تأكيد الوعي بالدور الاجتماعي وتكريسه للمؤسسات المختلفة. ولعلّ من أهم المبادرات في هذا الصدد مبادرة "درهم وبس"، التي تعدّ أولى مبادرات "صندوق المسؤولية الاجتماعية" التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية، وتهدف إلى جمع مساهمات مالية من الجمهور بمساعدة مؤسّسات مالية واقتصادية أخرى ومشاركتها لدعم أنشطة الصندوق في تقديم المساعدات الاجتماعية لأصحاب الدخول المحدودة وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة. وقد وقّع الصندوق بالفعل بعض مذكرات التفاهم مع مؤسسات مختلفة لدعم هذه المبادرة، لعل آخرها المذكرة التي وقّعها مع شركة "دو". من المساهمات المهمّة كذلك في هذا الشأن إقدام "مبادرة زايد العطاء" على إطلاق البرنامج الوطني للمسؤولية الاجتماعية "مسؤولية"، والذي يهدف إلى تفعيل دور القطاع الخاص في برامج التنمية الاجتماعية المختلفة في البلاد وتعميق الثقافة بهذا المفهوم من خلال إطلاق "جائزة المسؤولية الاجتماعية" بفئاتها المختلفة المتمثّلة في: جائزة أبوظبي للمسؤولية الاجتماعية، وجائزة الإمارات للمسؤولية الاجتماعية، والجائزة العربية للمسؤولية الاجتماعية. في ظلّ التحوّلات والتطوّرات الكبيرة التي لحقت بالمجتمع الإماراتي أصبح من المهمّ قيام المؤسسات المختلفة ورجال الأعمال بدور في دعم المجتمع في إطار مفهوم المسؤولية الاجتماعية الذي أصبح عنصراً مهماً في نشاطات الشركات ومؤسسات الأعمال حول العالم. المؤسسات المختلفة لا تعمل في فراغ وإنما في مجتمع له حاجاته المختلفة، ومن مصلحة هذه المؤسسات المباشرة أن يكون هذا المجتمع مستقراً وآمناً، ولذلك فإن عليها مسؤولية كبيرة في المشاركة في تنميته وعلاج مشكلاته ودفع التنمية الشاملة إلى الأمام فيه. هناك نماذج إيجابية لمؤسّسات إماراتية تعطي دورها الاجتماعي أهمية كبيرة من خلال آليات مختلفة، وهذا ما انعكس بالإيجاب على أعمالها وطريقة تفاعل الجمهور معها، إلا أنه على الرغم من ذلك فإن الاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية ما زال ضعيفاً أو غائباً لدى كثير من المؤسسات، برغم توافر الوعي بها وبأهميتها لديها، وهذا ما أشار إليه مسح ميداني لـ"مركز دبي لأخلاقيات العمل" التابع لغرفة تجارة وصناعة دبي، حيث أظهر هذا المسح فجوة بين الوعي بمفهوم المسؤولية الاجتماعية لدى الشركات العاملة في الإمارات والممارسات الفعلية التي تقوم بها هذه الشركات على أرض الواقع. فضلاً عن ذلك فإن "مفهوم المسؤولية الاجتماعية" يضيق لدى بعض المؤسّسات حيث يقتصر على التبرّعات المالية للمشروعات الخيرية، في حين أن هذا المفهوم أكثر اتساعاً ويشتمل على كل ما من شأنه أن ينمّي المجتمع في جوانبه المختلفة، وبالتالي فإنه يشمل الحفاظ على البيئة والهوية والمشاركة في برامج التدريب وإعادة التأهيل للموارد البشرية، فضلاً عن دعم التعليم وبرامجه المختلفة والمساهمة في مواجهة البطالة ومساندة البحث العلمي، وغير ذلك. لا شك في أن الأمر يحتاج إلى مزيد من العمل من أجل تعميق ثقافة المسؤولية الاجتماعية للشركات والمؤسسات المختلفة في المجتمع، وتمثّل المبادرات التي يتمّ طرحها في هذا الخصوص إطاراً مهماً لتحقيق هذا الهدف. ـــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.