على الرغم من أن فكرة "التعاونيات" تقوم على توفير السلع والخدمات بأسعار مخفّضة، وخدمة المجتمع في المجالات المختلفة، فإنها تركّزت في دولة الإمارات بشكل أساسي في مجال السلع، وهذا جعلها تهمل العديد من المجالات الخدمية الأخرى التي يمكنها أن تقدّم فيها خدماتها بكفاءة كبيرة وأسعار مناسبة. في هذا الإطار، تأتي أهمية تصريحات وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية المساعد للتنمية الاجتماعية، التي نقلتها إحدى الصحف المحلية، مؤخراً، وأكد فيها أن "الجمعيات التعاونية" ليست مجرّد "سوبر ماركت"، وأن هناك توجّهاً لتوسيع دورها لتدخل في مجالات أخرى مثل الصحّة والإسكان والسياحة والتعليم وغيرها، مشيراً إلى أن هناك طلبات قدّمت للوزارة بالفعل من قبل "الجمعيات" لإنشاء "التاكسي التعاوني" و"صيدلية تعاونية" و"جمعيات للإنشاء" و"التعمير" و"التعليم" وغيرها. ولاشكّ أن من شأن هذا التوسّع أن يعمّق من دور "التعاونيات" في المجتمع الإماراتي ويزيد من تفاعلها مع احتياجاته خاصة مع التطوّرات التي لحقت به والتنوّع الذي لحق حاجاته ومتطلّباته. إضافة إلى تنويع نشاط "التعاونيات"، فإن من التوجّهات المهمّة التي تدرسها وزارة الشؤون الاجتماعية لتأكيد الدور الاجتماعي لها فتحَ الاكتتاب في "الجمعيات التعاونية"، لأن عدد المساهمين فيها في الدولة نحو 38 ألفاً بما يوازي 4% من عدد المواطنين، في حين أن هذه النسبة تصل في بعض البلدان الأجنبية إلى 40%. هذا التوجّه إلى زيادة عدد المساهمين في "الجمعيات التعاونية" يضمن مشاركة أكبر من قبل المجتمع في توجيهها والرقابة عليها، بما يضمن تحقيق أهدافها المرجوة منها وعدم انحرافها عن هذه الأهداف، كما أنه يؤدي إلى زيادة رأس مالها، وبالتالي امتلاك القدرة على أخذ مكان مؤثر في الساحة الاقتصادية، كما يحدث في دول كثيرة في العالم، فوفقاً للأرقام التي أوردها وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية المساعد للتنمية الاجتماعية، السابقة الإشارة إليها، فإن دولة مثل سويسرا تستحوذ "التعاونيات" فيها على 90% من تجارة التجزئة، فيما هذه النسبة في الإمارات نحو 7%، وهذا له علاقة بأمور كثيرة من أهمّها حجم رأس المال. من الواضح أن وزارة الشؤون الاجتماعية تسعى إلى تطوير عمل "الجمعيات التعاونية" في الدولة، ولهذا فإنها تعمل على صياغة قانون جديد خاص بها، وقد طلبت بالفعل منذ فترة من هذه "الجمعيات" إبداء ملاحظاتها على القانون الحالي المطبّق منذ عام 1976 للاهتداء بها في إعداد مشروع القانون الجديد. ومع أهميّة توجّهات الوزارة في هذا الشأن، فإنه من المهم أولاً أن تعي "التعاونيات" طبيعة دورها ووظيفتها، وأنها مؤسسات لخدمة المجتمع بالأساس، وبالتالي فإن هدفها الرئيسي ليس تحقيق الربح، وإنما القيام بدور اجتماعي يتّسق مع فلسفة الفكرة التعاونية أصلاً، فمن خلال تعامل "الجمعيات التعاونية" مع مشكلة الغلاء وارتفاع الأسعار في السوق المحلي، بدا في كثير من الأحيان أنها لا تعي طبيعة دورها وما يجب أن تقوم به في هذا الشأن.