لقد قيل كثيراً إن الولايات المتحدة تكيل بمكيالين، وخصوصا عندما كان الأمر يتعلق بالصراع العربي- الإسرائيلي. ولكن يمكن القول أيضاً إنها تحاول أن تضفي المشروعية على أعمالها في مجال السياسة الخارجية، حتى لو كانت مثل تلك الأعمال غير مشروعة، فتعطي لنفسها مثلًا حق غزو دولة وتدميرها، لأن هذه الدولة تشكل خطرا(متوهماً) على مصالحها، أو أمنها القومي كما حدث في العراق. وتحاول الانتقام لهجمات الحادي عشر من سبتمبر ليس بضرب القوى التي كانت وراء هذا العمل، وإنما من خلال تدمير دولة أخرى بائسة مزقتها الحروب.. وعندما تعجز عن إلحاق الهزيمة الكاملة بتلك القوى وتبدأ هي والقوات المتحالفة معها في مواجهة مشكلات جمة في سياق ذلك، فإنها لا تتورع مثلا عن انتهاك سيادة دولة مستقلة والقيام بعمليات دون موافقتها في مناطق تقول إنها تشكل ملاذات آمنة للإرهاب، والملاحظ أن أميركا تقوم بذلك في دول هشة تعاني من الحصار، والمقاطعة، أو تعاني من التخلف، والتمزق، وضعف الحكومة المركزية، ولا تجرؤ على القيام بذلك ضد دول قوية أو دول لديها أوراق يمكنها اللعب بها جيدا مثل كوريا الشمالية التي أجبرتها على رفع اسمهما من قائمة الدول الراعية للإرهاب على الرغم من أن رئيسها ومنذ سنوات قليلة كان يعتبرها أحد أركان محور الشر. معوض عبدالجليل- القاهرة