تل أبيب بين مواجهات عكا وأنفاق غزة ------------ مخاض تشكيل الحكومة الإسرائيلية، وتداعيات الأزمة المالية على الدولة العبرية، وأحداث الشغب في عكا، وتجارة التهريب في أنفاق غزة... قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية ------------ الحكومة الجديدة وعقبة وزارة العدل حذرت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها ليوم الإثنين الماضي تسيبي ليفني، زعيمة حزب "كاديما" المكلفة بتشكيل الحكومة، من مغبة الانسياق وراء تطمينات "دانيال فريدمان" الذي يطمح إلى تولي وزارة العدل. فمثل هذه الخطوة، تقول الصحيفة، ستجرد تسيبي من أية مصداقية وستعيق جهودها الرامية إلى تشكيل حكومة قوية تنال رضا الأطراف المشاركة فيها، وهو ما لن يتحقق لو خضعت لمطالب "فريدمان" ومنحته الوزارة. ولن تفيد التطمينات التي أكدت عليها زعيمة حزب "كاديما" بعدم المساس بالنظام القضائي في إسرائيل والحفاظ على استقلاليته في إقناع باقي الأطراف ،السياسية أو حتى الرأي العام بالمجازفة والقبول بـ"فريدمان" وزيراً للعدل. فالمعروف عن الرجل محاولاته السابقة، والتي غالباً ما كانت خلف الكواليس ودون استشارة أعضاء الحكومة، لإدخال ما يعتبره إصلاحات على النظام القضائي تهدف في المحصلة النهائية إلى تقويض دو ر المحكمة العليا والتحكم في تعيين قضاتها، وهو أمر إن تحقق سيقضي على مكانة القضاء ويحول إسرائيل، كما تذهب الصحيفة، إلى دولة أخرى من دول العالم الثالث. ورغم تعهد تسيبي بحماية النظام القضائي وضمان استقلاله تماشياً مع النهج الديمقراطي، تحذر الصحيفة من أن ذلك كله قد لن يبصر النور في حال سُمح لدانيال فريدمان بتولي وزارة العدل، لا سيما بالنظر إلى تجربته السابقة على رأس الوزارة وما قام به من تسييس لعمل القضاء وتعطيل السير العادي للحكومة. الصحيفة تبدو قاطعة في رفضها لما تروج له تسيبي من أن فريدمان لن يمرر مشاريعه الخاصة دون موافقة باقي أعضاء الحكومة، لأن صورة المصلح التي يريد تقمصها ليست في نظرها سوى محاولة لتقويض النظام القضائي وإخضاعه للسلطة التنفيذية. إسرائيل والأزمة المالية: في افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي تطرقت "جيروزاليم بوست" إلى الأزمة المالية التي تفتك بالمصارف وأسواق الأسهم العالمية وتداعياتها المحتملة على الاقتصاد الإسرائيلي. فرغم التطمينات التي أطلقها المسؤولون عن حصانة السوق المالي الإسرائيلي وعدم تأثره بما يروج في العالم من اضطرابات عنيفة، ترى الصحيفة أنه من الضروري انكباب الحكومة في هذه المرحلة على حماية مدخرات المواطنين ومنع انتشار الذعر بين المستثمرين. فحسب الصحيفة قد لا تكون إسرائيل متضررة من الأزمة الحالية الناجمة أساساً عن المنتوجات المالية عالية الخطورة التي انخرطت فيها البنوك الأميركية في ظل غياب ضوابط رقابية، لكنها مطالبة بطمأنة السوق مادامت المشكلة في الدولة العبرية ستكون سيكولوجية بالأساس. فمع انتشار الأخبار السيئة في العالم وسقوط المزيد من الشركات والمؤسسات المالية سواء في أميركا، أو خارجها ستتعمق المخاوف لدى المضاربين والمستثمرين في الأسواق المالية ما سيقود إلى موجة من بيع الأسهم وتهديد الأسواق المالية بالانهيار. ولعل الخسائر الكبيرة التي تكبدها "وول ستريت" والأسواق الآسيوية في الفترة الأخيرة دليل آخر على أهمية تدخل الحكومة الإسرائيلية لضمان استقرار الأسواق، وهو ما أشار إليه يوم الأحد الماضي وزير الصناعة والتجارة والعمل الإسرائيلي "إيلي يشاي" من خلال دعوته إلى تشكيل "خلية اقتصادية" تنكب على معالجة تداعيات الأزمة والتأكد من عدم مساسها بمدخرات المواطن في إسرئيل، مشيراً في هذا السياق إلى النموذج البريطاني القائم على توفير القروض ومد البنوك بالسيولة. عكا وأحداث الشغب: بهذا العنوان استهلت "جيروزاليم بوست" افتتاحيتها ليوم السبت الماضي متناولة موضوع الشغب والمواجهات العنيفة التي شهدتها مدينة عكا بين المواطنين العرب واليهود. الصحيفة تبدأ أولا بسرد الأحداث التي تزامنت مع يوم الغفران اليهودي وأشعلت شرارة العنف التي تطورت إلى حرق المباني والمنازل وتعرض المواطنون من كلا الطرفين، كما تقول الصحيفة، لاعتداءات خلفت بعض الجرحى، فقد كان المواطن العربي "توفيق جمال" يقود سيارته في اليوم المقدس لليهود مع تأكيد بعض شهود العيان أنه كان مخموراً ويقود باستهتار ما حدا ببعض اليهود إلى رشق سيارته بالحجارة احتجاجاً على سلوكه فاندلعت المواجهات عندما شحن بعض المتطرفين من الجانبين المواطنين اليهود والعرب ودفعوهم إلى مواجهة بعضهم البعض دون تفكير في العواقب التي لا شك أنها ستسيء إلى قيم التعايش المشترك. لكن المهم الآن حسب الصحيفة ألا تنتقل أعمال العنف والشغب إلى مدن أخرى داخل إسرائيل، لا سيما في المناطق التي يعيش فيها اليهود والعرب جنباً إلى جنب. وفيما تستنكر الصحيفة أعمال العنف من الطرفين وتدين المتطرفين اليهود كما العرب، إلا أنها تنتقد أكثر بعض الوجوه السياسية التي حاولت استغلال الأحداث لتأجيج التوتر والدفع بأجندات سياسية خاصة. فقد لجأت بعض الأطراف مثل عضوي الكنيست أحمد الطيبي و"أريح إلداد" إلى استخدام عبارة "المجزرة" لتوتير الأوضاع وصب المزيد من الزيت على النار. "مراكز غزة التجارية" كتبت الصحفية "سمادار بيري" مقالا في "يديعوت أحرنوت" ترصد فيه الأنفاق التي تنتشر على الحدود بين قطاع غزة ومصر وما يحدث فيها من عمليات تهريب حولتها في وقت وجيز إلى ما يشبه المراكز التجارية بعدما أدخلت إليها الكهرباء وأقيمت فيها أماكن لبيع البضائع المهربية ليس فقط من مصر، بل من بلدان أخرى. فالأنفاق التي تحفر تحت أنظار سلطة "حماس" يعمل فيها أطفال لا يتجاوز أعمارهم أحياناً عشر سنوات يقومون بعملية الحفر بإشراف من الأشخاص الذين سيتحكمون لاحقاً في تهريب البضائع، وإنْ كانت سلطات "حماس" قد لجأت في الآونة الأخيرة إلى تنظيم العملية وفرضت بعض القيود مثل حظر تشغيل الأطفال، وفرض حد أدنى من الأجور، ثم دفع تعويضات لعائلات العاملين في حال انهار النفق وحصول الوفاة. وتشير الصحفية في هذا الإطار إلى أنه ما لا يقل عن 47 طفلاً لقوا حتفهم في السنة الماضية أثناء حفرهم للأنفاق. والأكثر من ذلك أن البضائع المهربة لا تقتصر فقط على الأساسيات، أو المواد الغذائية بل تمتد أيضا إلى أنواع الملابس الفاخرة، هذا الوضع تقول الصحفية يخدم الجميع، فإسرائيل تخلصت من عبء المجاعة في غزة و"حماس" تستفيد من الضرائب التي تفرضها على البضائع المهربة، فيما يؤمِّن سكان القطاع احتياجاتهم دون الاكتراث بالحصار. إعداد: زهير الكساب