جاءت تأكيدات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- بشأن متانة الاقتصاد الوطني وكفاءة الجهاز المصرفي، لتبثّ مزيداً من الثقة والهدوء والطمأنينة لدى الأسواق المحلية والمودعين والمستثمرين، ولا سيّما أن هذه التأكيدات ترافقت مع تبنّي مجلس الوزراء، الذي انعقد أول من أمس، برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، إجراءات وقائية داخلية لحماية الاقتصاد الوطني وضمان استمرارية قوة الدفع التنموية وتبديد أي شائعات أو مخاوف أو مزاعم في هذا الإطار. عندما يؤكّد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، توجّه حكومته في المرحلة الراهنة، قائلاً "إننا جادّون في حماية نظامنا المالي وقطاعنا المصرفي حفاظاً على المصالح العليا لدولتنا وشعبنا"، فإن في ذلك رسالة واضحة لا لبس فيها بأن الاقتصاد الإماراتي قوي وصلب وقادر على مواجهة تداعيات "الأزمة المالية العالمية"، والتعاطي مع إفرازاتها وتأثيراتها، التي طالت جميع اقتصادات العالم، وهي رسالة ثقة وطمأنة إلى المودعين والمستثمرين أيضاً بشأن متانة النظام المصرفي، بعدما انتاب بعضهم الخوف والقلق في ظلّ ما يرونه من زلزال مالي ضرب الكثير من البنوك العملاقة في كثير من دول العالم. التدخّل الرسمي على هذا المستوى جاء في توقيت مثالي، ومنح المناخ الاقتصادي دفعة ثقة كان بحاجة ماسّة إليها، حيث تلعب العوامل النفسية دوراً حيوياً في ظروف كهذه، برغم ثقة الجميع بأداء الاقتصاد الوطني، ومعطياته وركائزه ودعائمه القوية، ولم يكن يبقى سوى إزالة أي أثر للتأثيرات النفسية السلبية الناجمة عمّا يشهده القطاع المصرفي في كثير من دول العالم من انهيارات وموجات إفلاس هائلة. حصاد الخطوات الرسمية في هذا الاتجاه لن يقتصر على الشقّ النفسي بل سيطال تعزيز مكانة الاقتصاد الوطني وتنافسيته على صعيد جذب رؤوس الأموال من الخارج باعتبار الإمارات ملاذاً مصرفياً واستثمارياً آمناً، وفي هذا الإطار يصبح الضمان الحكومي للودائع ذا قيمة نوعية هائلة، كما يشجّع الشركات والمستثمرين على التخلّي عن الشعور بالقلق إزاء ما هو قادم، ومواصلة العمل والبناء وإطلاق ما يخطّطون له من مشروعات استثمارية بعد الاطمئنان والتأكّد من مناعة النظام المصرفي الوطني وقوته. هذه التطمينات الرسمية لا تستهدف تحصين الاقتصاد الوطني في مواجهة المتغيّرات الخارجية الطارئة فقط، بل تنطوي كذلك على رغبة في فتح آفاق جديدة أمام الاقتصاد للاستفادة مما يتوقع أن تفرزه "الأزمة المالية العالمية" من معطيات وواقع مالي عالمي جديد، من شأنه أن يعزّز مكانة دولة الإمارات كمركز مالي واقتصادي واستثماري عالمي. القرار الخاص بضمان الودائع والمدّخرات في المصارف الوطنية، موقف شجاع يقطع الشكّ باليقين ويزيل أي التباسات وشائعات ومزاعم جعلت الكثيرين يتوجّسون خيفة وقلقاً على ودائعهم، طوال الأيام السابقة، خصوصاً بعد ترويج شائعات عبر الرسائل النصيّة عن خسائر مالية مزعومة لبعض البنوك الوطنية. ولذا فقد جاءت هذه التأكيدات والقرارات لتزيل آثار القلق وتبعث الارتياح والطمأنينة وتدعو إلى التفكير الرشيد في إدارة النشاط الاقتصادي خلال المرحلة المقبلة، وبما يعزّز مسيرة التنمية الشاملة في البلاد. الإجراءات الوقائية الأربعة المعلنة حتى الآن هي بدورها انعكاس لإدارة منهجية تتأهّب للتعاطي مع أي إفرازات لـ"الأزمة المالية العالمية"، وهي استمرار للنهج الذي اختطته الحكومة الحالية في سياساتها، حيث التفاعل المباشر والناجع مع أي تطوّرات أو أحداث، ولكن يبقى على المصارف الوطنية مسؤولية حسن إدارة التفاصيل وتوظيف هذا الدعم اللامحدود في مواضعه والاستفادة من دروس "الأزمة المالية" الراهنة في الغرب، خصوصاً على صعيد سياسات الإقراض، كي يبقى نظامنا المصرفي قوياً وآمناً، وكي تستمر مسيرتنا التنموية من دون منغّصات، وكي تبقى الإمارات واحة آمنة وركيزة من ركائز تصحيح أوضاع الاقتصاد العالمي خلال المرحلة المقبلة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية