في ظل الاضطرابات المالية التي اجتاحت الأسواق العالمية خلال الآونة الأخيرة، طالعت بعض الأخبار المحلية من بينها خبر يقول: إن ودائع البنوك في أمان، لأن أصحابها من المواطنين! لكن كم هي إذن ودائع الأجانب؟ 17% فقط... رقم غريب إذا عرفنا أن هناك ميزانية تقدر بمئات الملايين لرصف شوارع وطرقات جديدة للأجانب، وهناك تسهيل القوانين والإجراءات لاستقدام مزيد من الأجانب، وهناك مدارس تُفتح وأسواق تُشيد للأجانب وغيرها من الخدمات التي لا تُعد ولا تُحصى. فإذا كان مبرر كل هذه الخدمات هو تشجيع الاستثمار والأعمال للأجانب، فأين هي أموالهم إذاً؟ فمنذ أسابيع تعرضت البورصة لخسائر، لأن الأجانب انسحبوا فجأة من السوق، وحدث بيع عشوائي لوحدات سكنية تجارية، نتج عنها انخفاض أسعار العقار، وعزوف عن المشاريع العقارية الجديدة. إذاً اقتصاد الدولة ليس قائماً على وهم الأجانب، كما يروق للبعض الترويج والتهويل من أهمية هؤلاء الأجانب بالنسبة للاقتصاد المحلي، فإذا كان وجودهم ليس بتلك الأهمية الاقتصادية المدعاة، لماذا إذن كل هذا الدلال والتفضيل والجري خلف كل ما يرضيهم؟ وتبدو الشائعات كلها تصب في هذا المنحى، فمن بين هذه الشائعات، هناك أحاديث خارجة من داخل بنوك محلية مفادها أن هناك مليارات الدراهم تم إخراجها من البنوك، هم إذاً عبارة عن هم وعبء، وليس لهم ضمان أو ثقة لدعم الاقتصاد الوطني! هنا تأتي ضرورة مراجعة الوضع الحالي، ودراسة القانون المتعلق بالأجانب خاصة في قطاع المال والاقتصاد والعقار، ومعاملتهم ضمن قوانين تحفظ للدولة اقتصادها، وتساهم في تفعيل دور المواطن وإشراكه في العملية الاقتصادية بشكل أوسع وأكثر قناعة بجدوى هذه الشراكة، التي من شأنها أن تعزز من اقتصاد يهتم أولاً وأخيراً بركائز تسهم في نموه وتعطيه أرضية صلبة تضمن له انطلاقة، لا تخشى المواجهة أو الأزمات مهما كانت حدتها. هذا كله يكتسي أهمية، خاصة إذا أدركنا أن متانة الوضع المالي في هذه الزلازل، التي تعصف بالعالم جراء انهيار النظام المالي العالمي، تعود إلى أن أصحاب المدخرات والودائع المالية، هم أهل هذه البلاد وأصحابها، وهذا ما يجب التعويل عليه. فالاقتصاد هو نبض الدولة وأساس لنهضتها المتفرعة لكل تفاصيل الحياة الأخرى، وقوته تعتمد في أصلها على قوى وطنية وثروات أصحاب المكان. لذلك كان تعزيز هذه المكانة وتقديرها فعلا مهما للحيلولة دون الدخول في مهب الأعاصير المتلاطمة والمتداعية من حولنا كأنها أحجار دومينو بلا أعين أو بصيرة.