تم في نهاية الأسبوع الماضي تعيين السيدة خلود الظاهري أول قاضية إماراتية وقد أدت اليمين القانونية بحضور سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان وزير شؤون الرئاسة ورئيس دائرة القضاء في إمارة أبوظبي. فنبارك للمرأة الإماراتية وصول أول قاضية لهذا المنصب... وهو إنجاز كبير لدولة الإمارات وتأكيد لمبدأ استحالة النهضة والتنمية في الإمارات والخليج ما دامت ثمة عوائق تحول دون تمتع المرأة بحقوقها الإنسانية وإسهامها الكامل في التنمية. هل تعيين امرأة قاضية سيحل مشكلة تمكين المرأة في الإمارات وغيرها من دول الخليج؟ بالتأكيد لا، لأن الطريق طويل أمام المرأة لتحقيق طموحاتها في نيل جميع حقوقها السياسية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية... وغيرها. فالموروث الديني والثقافة المجتمعية المرتبطة بالعادات والتقاليد القديمة... لازالت تعيق أي تغير قد يحسن من وضع المرأة، وذلك تحت غطاء الدين والعادات والتقاليد وباسم الحفاظ على المرأة وأخلاقياتها. الإشكالية الجديدة التي ستواجه المرأة في العالم العربي ، هو أن البلدان العربية بشكل عام وبلدان الخليج بشكل خاص تؤكد في دساتيرها المنشورة على حماية حقوق المرأة نظرياً، لكن عملياً وعلى أرض الواقع هناك تمييز واضطهاد ومحاولة إبعاد ضد المرأة، كما توجد تشريعات وقوانين تناقض الدستور وتنتهك أبسط حقوقها الإنسانية، ومنها على سبيل المثال حق المواطنة... فالمرأة الخليجية كمواطنة لا تتمتع بنفس الحقوق التي يحصل عليها الرجل، بل هناك تفرقة في الوظيفة والعلاوة الاجتماعية وعلاوة الأولاد والسكن وحتى حق تجنيس الأولاد حيث يحق للرجل الخليجي تجنيس أبنائه عندما يتزوج بامرأة أجنبية ولا يحق للمرأة تجنيس أبنائها عندما تتزوج برجل أجنبي... المصيبة أن الدول العربية، ومنها دول الخليج، نجحت في تعزيز التفرقة بين الجنسين عن طريق التشريع مما يتعارض مع مبدأ العدالة والمساواة التي تقرها الدساتير... والدليل على ذلك هو قوانين الأحوال الشخصية في الوطن العربي، فهي تختلف من دولة عربية إلى أخرى حسب الأعراف والتقاليد والتجربة التاريخية لكل بلد عربي، في المغرب وتونس لديهم قانون للأحوال الشخصية متقدم جداً يساوي بين الرجل والمرأة ويعطي المرأة الحق في اختيار زوجها... لا أعرف طبيعة قانون الأحوال الشخصية في دولة الإمارات، إلا أنه في معظم الدول العربية ينطوي على تمييز ضد المرأة، حيث أن قواعد قوانين الأحوال الشخصية مستمدة من اجتهادات وأحكام دينية... فبعض الدول العربية كما ذكرنا تتخذ موقفاً أكثر تحرراً كما في تونس والمغرب... بينما تشدد الدول الخليجية في منح المرأة حق اختيار زوج المستقبل. عادة ترفض المرأة اللجوء إلى المحاكم، لأن هناك أعرافا وتقاليد شائعة في المجتمع تحدد ما يليق وما لا يليق بالزوجات، فالمنازعات والخلافات والمطالبات تحسم في الإطار الأسري والقبلي والعشائري غير الرسمي، وفي معظم الأحيان يحكم فيها للرجل لأن الثقافة السائدة ثقافة ذكورية والانحياز للرجل ضد المرأة أمر مقبول. لقد تحسن وضع المرأة العربية في السنوات الأخيرة نسبياً، لكن يبقى وضع المرأة متخلفاً في الوطن العربي رغم قيام العديد من الحكومات العربية بتعيين النساء في مناصب وزارية وعليا، لكن يبقى وضع المرأة بعيداً عن تحقيق ذاتها ونيلها حقوقها الإنسانية التي كفلتها لها مبادئ حقوق الإنسان وكل التشريعات الإلهية.