بدون قمة، وبدون مناسبة لقاء الاجتماع الوزاري، أكتب كمواطن خليجي إليكم يا أصحاب الجلالة والسمو - قادة مجلس التعاون الخليجي الكرام، ذلك أن الهم الخليجي لا يكون في وقت القمم، والشؤون الخليجية لا تتوقف حتى تجتمع القمم. وعليه فإنني كمواطن من مواطني دول المجلس أخاطبكم لأنقل لكم بعضاً من همومي، وأجرأ أن أدعي بأن الكثيرين من أبناء المجلس يشاركونني هذه الهموم أو ربما بعضها. لا تزال مسيرة المجلس -رغم الجهود والإنجازات التي يكررها على مسامعنا إعلام دول المجلس الرسمي- دون الطموح في أوجه عديدة، فعلى الرغم من مرور ثلاثة عقود تقريباً على إنشاء المجلس، لم تتحقق الخطوات الوحدوية المطلوبة، وعلى الرغم من أن ما تحقق أفضل من عدمه، إلا أن الواحد منا لا يرى مبرراً لعدم تحقق المزيد. إننا - يا أصحاب الجلالة والسمو - نطمح إلى خطوات أكثر اندماجاً بين مواطني المجلس، فعلى الرغم من قرار السوق الخليجية المشتركة الذي اتخذتموه في القمة الماضية، إلا أن التخلف الإداري، والتلكؤ البيروقراطي يبقيان هذه القرارات حبيسة الأدراج، ولا زال المواطن الخليجي حائراً بين ما "يجوز وما لا يجوز". لذلك فإن المطلوب تفعيل دور المراقبة الشعبية الخليجية على تنفيذ هذه القرارات بطريقة تتجاوز الشكل المقيد للهيئة الاستشارية العليا، وتتسم بالشفافية والوضوح. لقد كان قراركم التاريخي بخلق السوق الخليجية المشتركة في القمة الماضية مهماً وخطوة رائعة في طريق مزيد من الطموح الوحدوي لشعوب المنطقة، وثبتت أهميته في ظل الانتكاسات الاقتصادية العالمية التي تشهدها أسواق العالم اليوم، لكن المواطن الخليجي لم يشعر بهذه الخطوة المهمة على مستوى معيشته اليومية. إن الفوائض المالية الهائلة التي تتراكم في ميزانيات دول المجلس بسبب ارتفاع أسعار البترول، تتطلب شعاراً موحداً للتنمية في مجالات الأمن الغذائي والعسكري، وبل وحتى الأمن في مجال الطاقة البديلة، وإذا ما توافرت الفوائض اليوم، فإنها لن تتواجد غداً. إن الخليج العربي بحاجة إلى تقارب مع اليمن، واليمن بحاجة إلى يد خليجية تمتد له لمساعدته على النهوض من ضائقته الاقتصادية، فالمصلحة متبادلة، والمرحلة لا تتحمل الانتظار. كثيرون - يا أصحاب الجلالة والسمو- قلقون من تطورات الأوضاع الإقليمية، وحائرون تجاه سياسات دول المجلس ووحدة مواقفها -من عدمه- تجاه العراق وإيران، والأمن الإقليمي لمنطقة الخليج. فمن دول تُسقط ديون العراق، إلى أخرى لا تسقطها، ومن دول تعيد سفراءها لبغداد، إلى دول ترفض العلاقة مع الحكومة العراقية. ومن دول تتنفس إيران منها اقتصادياً في وقت يفرض العالم العقوبات تلو العقوبات عليها بسبب مشروعها النووي، إلى دول تتشدد في علاقتها مع إيران بسبب تدخلاتها الإقليمية وأطماعها التوسعية واحتلالها لجزر الإمارات العربية المتحدة. إننا حائرون، لا نعرف طبيعة الموقف الخليجي من العلاقة مع الجارة إيران، والموقف من المواجهة الاقتصادية معها والمجتمع الدولي -إن لم تكن العسكرية لا قدر الله. إن شعب الخليج يحلم باليوم الذي يرى فيه جيشاً خليجياً موحداً يحميه من عوادي الدهر وتقلبات الأيام، ويغنيه عن الاعتماد على الآخرين لحماية المنطقة. فعلى الرغم من الأرقام الفلكية التي نقرأ عنها في ميزانيات التلسيح الخليجي، إلا أن الشعور بالأمان الاستراتيجي وبناء جيش قادر على الدفاع عن منطقتنا لا يزال حلماً خليجياً بعيد المنال. إن الكتابة عن تطلعات الإنسان الخليجي ذات أبعاد وشجون، وهي كتابة ملؤها التفاؤل والأمل، ويحدوها الإيمان بصدق النوايا والقدرة على القرار والعمل. ولا خير فينا إن لم نقلها.