الحرب على الإرهاب "تُهدد" الحريات... وتوابع الزلزال المالي العالمي ---------- أصداء الأزمة المالية العالمية، وقوانين مكافحة الإرهاب في بريطانيا، والانتخابات الأميركية والعلاقة بين الرياضة والسياسة في نظر "فلاديمير بوتين" موضوعات نعرضها ضمن قراءة موجزة للصحافة البريطانية. ----------- "الأزمة المالية العالمية توفر فرصة للتغيير": تحت هذا العنوان رأت "الأوبزرفر" في افتتاحيتها يوم الأحد الماضي أن الأزمة المالية التي تضرب العالم حالياً، قد خلقت نوعا من التشوش، وفقدان البوصلة لدرجة دفعت بعض السياسيين "الجمهوريين" نهاية الأسبوع الماضي إلى اتهام "بوش" بأن حزمة السياسات التي اقترحها لإنقاذ القطاع المالي تتسم بـ"ملامح اشتراكية". الصحيفة لا تتفق مع أصحاب هذا الاتهام، وترى أن التوابع الزلزالية للأزمة المالية الحالية يمكنها أن تغير المشهد الاقتصادي، وربما السياسي العام، ولكنها لا تستطيع أن تغير الغرب إلى شرق، ولا الرأسمالية إلى اشتراكية. وأن التقييم الأكثر دقة لما يمكن أن تنتهي إليه تلك الأزمة ربما يكون هو ذلك الذي أعلنه الرئيس الفرنسي " نيكولا ساركوزي" عندما قال:"إن دور الولايات المتحدة كقوة مالية عظمى في هذا العالم قد انتهى"، ولكن الافتتاحية تؤكد مع ذلك أن الاضطراب الحالي في الأسواق المالية لا يفرق بين أنواع الرأسمالية، وما إذا كانت رأسمالية حرة تماماً(نيوليبرالية) أو رأسمالية مقيدة نوعاً بتدخل الدولة ودور القطاع العام كما في الدول الاسكندنافية، ودليلها على ذلك أن النظام المصرفي في الولايات المتحدة وفي الغرب بأسره على اختلاف نوع التطبيق الرأسمالي بين بلاده، قد أصبح على حافة السقوط. وأشارت الافتتاحية إلى الأجراءات التي اتخذها "بنك انجلترا" عندما زاد من كمية النقود المتاحة للبنوك لمستويات تعادل تلك التي أتاحتها خطة الإنقاذ المالي للولايات المتحدة، ورأت أن ذلك كافياً، وأن المهم هو الشيء الذي لم يقم به حتى الآن سياسي واحد ليس في بريطانيا فحسب، بل في سائر أنحاء أوروبا، أو حتى في الولايات المتحدة، وهو الإجابة على السؤال التالي: كيف يمكن إنقاذ قطاع الخدمات المالية، وضبط قواعده، وتنظيم آلياته، بحيث يصبح في المستقبل خادماً للاقتصاد العولمي وليس سيداً له. انتخابات مثيرة: "انتخابات أميركية جعلت العالم أكثر اهتماماً بالسياسة"... هكذا عنونت "الاندبندنت" افتتاحيتها يوم الاثنين الماضي، التي تناولت فيها الانتخابات الأميركية الحالية، التي وصفتها بأنها من أكثر الانتخابات الأميركية إثارة في التاريخ الحديث، حيث كانت أول انتخابات يترشح لها أميركي من أصل أفريقي، وأول انتخابات تسعى فيها امرأة بيضاء( هيلاري كلينتون) إلى الفوز بترشيح حزبها، وأول انتخابات يكون المرشح عن أحد الحزبين( أوباما) من أصغر المرشحين للرئاسة في التاريخ الأميركي، ويكون المرشح الذي أمامه على الجانب الآخر من أكبر المرشحين فيها (ماكين)، ثم أنها انتخابات لم تخل من المفاجآت، وذلك عندما رشح "ماكين" امرأة على تذكرته الانتخابية، كما أنها الانتخابات التي شهدت تغير المشهد الانتخابي أو بؤرة التركيز عدة مرات: ففي البداية كان محور التركيز هو التزامات الولايات المتحدة الخارجية وحرب العراق بحيث بدا وكأن السياسة الخارجية، هي التي ستهيمن على المشهد الانتخابي خصوصاً على ضوء الاتهامات الموجهة إلى المرشح الديمقراطي بافتقاره إلى الخبرة الخارجية، ثم تغير المشهد بعد ذلك وأصبحت بؤرة التركيز هي الأزمة المالية التي بدأت في أميركا، وامتدت موجاتها الارتدادية إلى مختلف أنحاء العالم. وبالنظر إلى خطورة تلك الأزمة، فإن أوباما وماكين - حسب الصحيفة - يجب أن يتوقفا عن الحديث عن السياسة الخارجية، وتوجيه اتهامات سخيفة لبعضهما، مثل ذلك الاتهام الأخير الذي وجهته "بالين" لأوباما بأن له ارتباطات بالإرهاب(ذكرت اسم منظمة كانت ناشطة في الفترة التي كان أوباما لا يزال فيها طفلا)، وأن يقدما رؤيتها بشأن الأسباب التي أدت إلى تلك الأزمة، والطريقة التي يمكن بها الخروج منها، خصوصا وأنه لم يعد متبقياً على موعد تلك الانتخابات سوى أربعة أسابيع تقريباً. معركة حول الحريات: بعبارة "حرب الـ42 يوماً انتهت وحان الآن وقت حرب الحريات"، بدأت "التايمز" افتتاحيتها يوم الاثنين الماضي، قائلة: من السخف أن يدعي رئيس الوزراء "جوردون براون" أن أمن المملكة المتحدة يتوقف على إتاحة الحق للشرطة في احتجاز المشتبه في علاقاتهم بالإرهاب لمدة 42 يوماً دون توجيه تهمة إليه. وأن الشيء الذي لا يقل سخفاً عن ذلك هو أن يقترح خصوم "براون" تخفيض هذه المدة إلى 28 يوماً فقط، لأن هذه المدة أيضاً طويلة مقارنة بالولايات المتحدة الأكثر تعرضاً لخطر الإرهاب حيث لا تزيد فترة التوقيف دون توجيه تهمة عن 48 ساعة فقط. وترى الصحيفة أن الحاجة تستدعي أن يحشد الجميع جهودهم لعدم تمرير هذا المقترح في مجلس اللوردات، لأنه يشكل تهديداً للحريات الليبرالية، التي كافحت بريطانيا قروناً عديدة من أجلها. "ممارسة الجودو": هكذا عنونت "التايمز" افتتاحيتها ليوم أمس الاربعاء التي بدأتها بالحديث عن فوائد رياضة الجودو، وكيف أن تلك الرياضة تروق لذلك النمط من الرجال - أو الساسة - الحريصين على إظهار قوتهم من خلال التباهي باستعراض نصف الجسد العاري المتناسق أثناء رحلة لصيد السمك، أو التشبث بمقود سيارة سباق ضخمة، أو مطاردة نمر في غابات سيبيريا، أو إرسال دبابات إلى الدول المجاورة لتأديبها- تقصد فلاديمير بوتين بالطبع. وأشارت الصحيفة إلى أن "بوتين" الحاصل على الحزام الأسود في الجودو، قد احتفل بعيد ميلاده في مدينته سانت بطرسبرح بالإعلان عن إطلاق فيلم فيديو تعليمي عن رياضة الجودو عنوانه "تعلم الجودو مع فلاديمير بوتين". وحاولت الافتتاحية تبيان أوجه الشبه بين الجودو والسياسة، فقالت إن الفكرة الأساسية في ممارسة الجودو، هي تقريباً الفكرة الأساسية في ممارسة السياسة وهي إيهام الخصم بأنك قادر على قصمه إلى نصفين دون أن تقوم فعلًا بتنفيذ ذلك. وأشارت إلى أن بوتين قد وصف الجودو بأنه طريقة للنيل من خصم عبر وسائل ليست بالضرورة عنيفة ولكنها فعالة. وأن من يمارس تلك اللعبة يمكن أن يقدم تسويات وتنازلات للآخرين بشرط أن يكون متأكداً بأنه يسير بالفعل على طريق النصر" وألمحت أن ذلك هو ما كان بوتين يمارسة أيضاً في ساحة السياسة وليس فقط في ساحة الرياضة. سعيد كامل