لفتت صحيفة "الإمارات اليوم" في تقرير نشرته، مؤخراً، أنظار الجهات الرسمية المعنية إلى "تجارة" باتت تلاحق العديدين بإلحاح في الآونة الأخيرة، وهي ما يعرف بتجارة العملات أو "الفوركس". وأشار التقرير إلى شكاوى المتعاملين في هذا النشاط من غياب الرقابة، والافتقار إلى تشريعات قانونية تحميهم من هذا النشاط الذي انتشر في الدولة مؤخراً، سواء من خلال مكاتب تمثيلية لشركات أجنبية في الخارج، أو عبر مواقع إلكترونية تغري الجمهور بالتعامل في تجارة العملات، وفتح حسابات تبدأ بمبالغ مالية ضئيلة، ربما تمثل "طُعماً" يثير شهية شريحة من هواة الثراء السريع أو المفاجئ، ممن سبق لهم الوقوع في فخ "المحافظ الوهمية". مصطلح "الفوركس" ربما يبدو غريباً على البعض، ولكنه يطارد الجميع عبر مواقع إلكترونية عديدة، تدعو إلى فتح حسابات، وكسب أرباح تصفها بالكبيرة، والانضمام إلى قوائم المليونيرات من خلال تجارة العملات، وقد شكا متعاملون في تجارة العملات (الفوركس)، غياب جهة رسمية أو تشريع قانوني يحميهم من شركات انتشرت أخيراً في الدولة، عن طريق افتتاح مكاتب تمثيلية لها أو فروع، ودشنت مواقع على الإنترنت تدعو الراغبين في الثراء، ومن يحلمون بالانضمام إلى فئة المليونيرات في زمن قياسي، إلى أن يفتحوا حساباً لديها يبدأ من 50 دولاراً كحد أدنى. تقرير الصحيفة نقل عن "ضحايا" لهذا النشاط شكاوى من خسائر مالية بمبالغ كبيرة، مشيراً إلى عدم وجود صلاحيات قانونية وإدارية لدى أي جهة في البلاد لمراقبة هذا النشاط وتقنينه حتى الآن، باعتبار أن القانون الخاص بمتابعة شركات "الفوركس" بصدد التداول بين الجهات المعنية في الدولة، ولذا يمكن القول إن تقرير الصحيفة في هذا الإطار جرس إنذار للتصدي للتجاوزات في هذا النشاط قبل استفحالها، وصعوبة السيطرة عليها ولملمة آثارها المالية، خصوصاً أن التقرير أشار إلى وجود نحو 70 فرعاً أو مكتباً لشركات "الفوركس" تمارس نشاطها داخل الدولة، وليست مسجلة لدى الجهات الرسمية المختصة، ناهيك عن أنه من الناحية القانونية ليست لأي جهة محلية الآن سلطة مراقبة نشاط هذه المكاتب، المسجل منها وغير المسجل، باعتبار أن الإطار القانوني الناظم لوجودها ونشاطها يمر بمرحلة انتقالية عقب نقل صلاحية الإشراف على النشاط من المصرف المركزي إلى هيئة الأوراق المالية والسلع. وما يضاعف من أهمية التحرك أن الظروف الراهنة التي يمر بها الاقتصاد العالمي، وما تفرزه من هبوط وصعود في حركة العملات الرئيسية، ربما تشجع الكثيرين أيضاً على الانخراط في مثل هذه الأنشطة، وتوفر لمروجيها ذرائع جاهزة لتسويقها، لاسيما أن هناك شرائح كثيرة تعرضت لخسائر جراء الهبوط في البورصات المحلية والخليجية، وقد تسعى إلى تعويض خسائرها بكل السبل؛ فضلاً عن أن "الفوركس" قد تسببت بالفعل بإلحاق خسائر كبيرة مؤخراً بمواطني إحدى الدول العربية، لدرجة أن مناطق بأكملها وُصفت بالمنكوبة بسبب ما تعرض له سكانها من خسائر، وتمت بالفعل إحالة المسؤولين عن 40 ممثلاً لشركات هذا النشاط إلى القضاء. "تجارة الوهم" هي القاسم المشترك بين أنشطة الكثير من شركات "الفوركس" من ناحية، والمحافظ غير المرخصة التي استولى أصحابها على مئات الملايين من مدخرات المواطنين والوافدين في الأشهر الأخيرة من ناحية أخرى، ولذا فإنه من الضروري الإسراع بإصدار التشريع الخاص بتنظيم هذا النشاط، وحظر العمل فيه من دون ترخيص رسمي لضمان عدم تكرار ظاهرة المحافظ الوهمية، مع توعية الجمهور بأخطار الانخراط فيه من دون وعي استثماري كافٍ، كونه يتطلب، في حال استيفائه الشروط القانونية لممارسة النشاط، إدراكاً دقيقاً لاتجاهات تغير أسعار العملات، مع ما يتطلبه ذلك من إلمام بالأحداث وتأثيراتها، وكذلك المتغيرات السياسية والاقتصادية المؤثرة في الاقتصادات الكبرى.