أشارت إحصاءات نشرتها إحدى الصحف المحلية مؤخراً إلى أن إجمالي عدد الحرائق التي شهدتها دولة الإمارات العربية المتحدة خلال الفترة من عام 2007 إلى شهر أغسطس من العام الجاري 2008، قد بلغ 4334 حادث حريق، نتج عنها وفاة 40 شخصاً، وإصابة 163 شخصاً إصابات مختلفة. تأتي هذه الأرقام أو الإحصاءات في وقت تصاعدت فيه حوادث الحريق بشكل لافت خلال الفترة الماضية. وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذل في مواجهة هذه الحرائق من إدارات الدفاع المدني، والأساليب الحديثة التي يتم استخدامها في التعامل مع هذه الحرائق، فإنه تكون هناك صعوبة كبيرة في السيطرة عليها، أو منعها من إيقاع الخسائر المادية والبشرية. لا شك في أن حوادث الحريق واردة في أي مجتمع من المجتمعات مثلها مثل أي حوادث أخرى، إلا أن ما يفصل مجتمعاً عن الآخر هو أمران: الأول كيفية الاستعداد لمواجهة هذه الحرائق بحيث تتم محاصرتها في أسرع وقت ممكن من ناحية، وتقليل خسائرها إلى أدنى حدّ من ناحية أخرى، وهذا يتحقق عبر الالتزام بكل معايير الأمن والسلامة المطلوبة والمحددة في البنايات والمؤسسات المختلفة، والحرص على صيانتها وتجديدها والتدريب عليها، بحيث يتم اللجوء إليها عند الحاجة بفاعلية. الأمر الثاني هو وجود إدارات وهيئات يمكنها أن تتحرك بسرعة لمواجهة حوادث الحريق بنجاعة ونجاح. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة هناك إدارات فاعلة للدفاع المدني تتوافر لها كل الإمكانات البشرية والتكنولوجية، ويتم تزويدها باستمرار بكل المعدات الحديثة اللازمة للتعامل مع الحرائق بمختلف أنواعها ومستوياتها، لكن المشكلة تكمن في عدم توافر معايير الأمان والسلامة في بعض الأبنية، وعدم اهتمام ملاكها أو مستثمريها بهذه المعايير. هذا الوضع يؤدي إلى نتيجتين: الأولى هي توفير الظروف التي تشجع على حدوث الحرائق، وهذا ما أشار إليه مدير الإدارة العامة للدفاع المدني اللواء الركن محمد سالم بن كردوس، حيث قال في تصريحات لإحدى الصحف المحلية مؤخراً إن أغلب الحرائق التي تشب في البنايات السكنية في أبوظبي تكون في البنايات القديمة التي تم تقسيمها من قبل السماسرة وتأجيرها لأسر وعزاب بما يفوق الطاقة الاستيعابية لها، وهو ما يزيد العبء والضغط الكهربائي على البناية وينذر بنشوب حريق. النتيجة الثانية هي زيادة الخسائر التي تترتب على نشوب الحريق، حيث إن غياب معايير الأمن والسلامة يجعل جهود المواجهة صعبة، ويضع العراقيل أمام الأجهزة المعنية في قيامها بدورها في التصدي للحريق. ففي الحرائق الأخيرة التي شهدتها أبوظبي، أعاق هذا الغياب عمل إدارة الدفاع المدني، وتسبب بوقوع إصابات وخسائر مادية، وفي بعض الحالات وصلت الإصابات إلى رجال الدفاع المدني أنفسهم. ونظراً إلى أن أسباب الحرائق تكون مختلفة، فإن مسؤولية الوقاية منها ومواجهتها أيضاً لا تقع على كاهل جهة واحدة، وفي هذا الإطار فإن الاقتراح الذي طرحه نائب مدير الإدارة العامة للأمن الوقائي العميد عبدالجليل المهدي والخاص بتشكيل لجنة مشتركة من البلدية والدفاع المدني والشرطة والجمارك تكون مهمتها التفتيش الدوري على المنشآت للتأكد من سلامتها والتزامها بالمعايير الخاصة بالأمن والسلامة، هو اقتراح جدير بالبحث والدراسة. فضلاً عن ذلك فإن القانون الاتحادي الجديد للدفاع المدني الذي سيرى النور قريباً، وينطوي على عقوبات رادعة في مواجهة أصحاب البنايات غير الملتزمة بمعايير الأمن والسلامة، سوف يمثل خطوة متقدمة في التصدي لخطر الحرائق ومنع وقوعها. ــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.