أقدمت وزارة البيئة والمياه مؤخراً على خطوة مهمة تمثلت في إنشاء "وحدة الأمن الغذائي" فيها، على أن تكون مهمتها وضع الخطط الاستراتيجية الخاصة بتحقيق الأمن الغذائي في دولة الإمارات العربية المتحدة. هذه الخطوة تمثل تفاعلاً واعياً من الوزارة مع المتغيرات الأخيرة في سوق الغذاء العالمي وتأثيراتها السلبية في السوق المحلي، التي عبرت عن نفسها من خلال العديد من المظاهر لعل أهمها مظهران: الأول هو الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية، حتى إن صحيفة محلية نقلت مؤخراً عن دراسة قالت إن وزارة الاقتصاد قد أعدتها وقدمتها إلى المجلس الوطني الاتحادي، أن دولة الإمارات احتلت المرتبة الأولى من بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، من حيث نسبة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، إذ بلغت 36 في المائة. المظهر الثاني هو معاناة السوق الإماراتية خلال الفترة الماضية من شح في بعض أصناف المواد الغذائية، وهذا ما ظهر بشكل خاص في الأرز، وذلك على خلفية إقدام بعض الدول المصدرة له على وقف تصديره إلى الخارج مؤقتاً لمواجهة النقص فيه على الساحة المحلية. وعلى الرغم من أن أسعار المواد الغذائية العالمية قد تراجعت نسبياً خلال الفترة الماضية، وعادت الدول التي كانت قد أوقفت تصدير الأرز إلى الخارج إلى ممارسة التصدير مرة أخرى، فإن ما حدث قدم درساً مهماً للمعنيين بالتخطيط المستقبلي في دولة الإمارات العربية المتحدة، هو ضرورة العمل الجاد لتحقيق الأمن الغذائي وتأمين مصادر آمنة ومستقرة ومستمرة للغذاء تمنع حدوث أزمات مفاجئة ومربكة، وفي هذا الإطار يجيء إنشاء "وحدة الأمن الغذائي" من قبل وزارة البيئة والمياه، كما سبقت الإشارة، ويجيء الحديث مؤخراً عن استثمارات زراعية إماراتية في بعض الدول العربية وغير العربية، والاهتمام بالاستثمار الزراعي بشكل عام، خاصة على ضوء اعتبارين: الاعتبار الأول يتمثل في أنه على الرغم من الانخفاض النسبي في أسعار المواد الغذائية في العالم وفق تقارير مختلفة، فإن التقديرات الاقتصادية تشير إلى "انتهاء عصر الغذاء الرخيص" بشكل عام على الساحة العالمية، خاصة في ظل الاتجاه إلى استخدام بعض المواد الغذائية في مجال إنتاج الوقود الحيوي مع ارتفاع أسعار البترول، ومشكلات المناخ التي تسبب التصحر، وغيرها من الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى النتيجة نفسها. الاعتبار الثاني هو أن الأمر يتعلق بالسلع الغذائية، وهي سلع لها طبيعة خاصة من حيث قوة الاحتياج إليها وحتميته، حيث لا يمكن الاستغناء عنها لأنها تمثل حاجة إنسانية يومية ومستمرة، وبالتالي فإن أي نقص فيها أو ارتفاع كبير في أسعارها، من شأنه أن يسبب مشكلات كبيرة على أكثر من مستوى، وهذا هو الذي يبرر الاهتمام الكبير الذي توليه دولة الإمارات العربية المتحدة والدول المختلفة في العالم لتأمين مصدر آمن ومستقر للغذاء لشعوبها. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية