الأزمة المالية الطاحنة التي تمر بها الولايات المتحدة تحمل أكثر من دلالة، فهي تشير إلى تناقضات النظام الرأسمالي القائم على المضاربات المالية وسعيه إلى الربح السريع في وقت وجيز. فقد شهدت السنوات الأخيرة تضخماً غير منضبط للمضاربات في الأسواق المالية وانفصال مخيف بين القيمة الحقيقة لأصول الشركات وبين سعرها المفترض في البورصة، فضلا عن الشره الذي يميز بعض المؤسسات المالية، التي كل همها تعظيم الأرباح حتى لو اقتضى الأمر تقديم قروض عالية الخطورة وبضمانات محدودة. هذا النظام المالي المشتط والمنفلت من كل رقابة بدعوى الالتزام باقتصاد السوق وقدرته على ضبط التعاملات المالية يكاد اليوم يدخل اقتصاد أكبر دولة في العالم إلى مرحلة الركود ويقوض بنوكها العريقة، وما التدخل المكثف للحكومة الفدرالية الأميركية من خلال الاحتياطي الفدرالي ووزارة الخزينة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وضخ مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب لمواجهة الأزمة سوى دليل على خطورة الأزمة واحتمال انتقالها من أسواق الأسهم إلى الحياة العادية للمواطنين وتأثيرها السلبي على ظروفهم المعيشية. منصور سعيد- الشارقة