الأخطاء التي شابت كتاب التربية الإسلامية "الجزء الثاني" المقرّر على طلاب الصف الثاني عشر، وتحدّثت صحف محلية عنها، مؤخراً، كانت صادمة ليس للعاملين في الحقل التعليمي واللغوي فقط، وإنما لعامة الناس ممن اطّلعوا على حجم هذه الأخطاء سواء من خلال الكتاب نفسه أو من خلال الصحف التي اهتمّت بالقضية أيضاً. لاشكّ في أن الخطأ وارد في أي عمل بشري، لكن ما حدث في هذا الكتاب تجاوز أي حدود مسموحة للخطأ وفق أي معايير ووصل إلى حدّ "الكارثة اللغوية"، كما وصفته إحدى الصحف المحلية. فوفقاً لما نشر في الصحف احتوى الكتاب على أكثر من 300 خطأ حصرت وزارة التربية والتعليم منها 187 خطأ وأرسلت بها تعميماً إلى المناطق التعليمية والمدارس من أجل تصحيحها ومراعاتها في العملية الدراسية، ولا تقع هذه الأخطاء في صفحة أو عدد قليل من الصفحات وإنما في 90% من صفحات الكتاب وفق آراء معلمين تمّ استطلاع آرائهم. الخطر في هذه القضية إضافة إلى ما سبق أمران: الأول أن هذه الأخطاء اللغوية وردت في كتاب للتربية الإسلامية من المفترض أنه يعطي الجانب اللغوي أهمية كبيرة ولا يتهاون فيها بأي شكل من الأشكال مهما كانت صغيرة أو غير ملحوظة. الأمر الثاني هو أن الأخطاء تتعلّق باللغة التي تمثّل ركناً أساسياً من أركان الهوية الوطنية في وقت تبدي فيه دولة الإمارات العربية المتحدة اهتماماً كبيراً بقضية الهوية حتى أن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- قد أعلن عام 2008 عاماً للهوية الوطنية. هناك حملة من أجل القضاء على الأخطاء أو التشوّهات اللغوية في شوارعنا من خلال اللوحات والعناوين التي تتضمّن أخطاء لغوية بارزة، وتعمل الصحف على ملاحظة هذه الأخطاء وتصويرها وتسجيلها ولفت نظر المعنيين إليها، فإذا بهذه الأخطاء تأتي في كتاب مدرسي من المفترض أنه مرّ بالعديد من مراحل المراجعة والتدقيق والبحث من قبل متخصّصين في مجال المناهج، وهذا هو الذي جعل المسألة مثيرة ومسبّبة للقلق لدى الكثيرين. وزارة التربية والتعليم حاولت أن تقلّل من أهمية هذه الأخطاء وخطرها عبر تأكيد أن جميع الأخطاء التي وردت في الكتاب هي أخطاء إملائية ومطبعية وأنها ليست مقصودة وتمّ اكتشافها والتنبيه عليها. ولكن على الرغم من ذلك فإن هذا لا يقلّل من أهميّة الأخطاء والخطر الذي تنطوي عليه، وأهمية التحقيق الدقيق فيها ومحاسبة المسؤولين عنها لضمان عدم تكرارها في المستقبل، خاصة أن مثل هذه الأخطاء تسبّب حالة من الارتباك في الحقل التعليمي وفي عقول الطلبة أنفسهم. في هذا الإطار تأتي أهميّة إعلان وزارة التربية والتعليم، مؤخراً، أنها تجري تحقيقات واسعة في الأخطاء المطبعية واللغوية التي جاءت في الكتاب، وأن قرارات سوف يتم اتخاذها في حق من يثبت تقصيره أو مسؤوليته عن هذه الأخطاء، حيث سيمثّل ذلك رسالة إيجابية إلى كل الذين أحسّوا بالقلق تجاه ما جرى.