نشر المعهدالأميركي- العربي الأسبوع الماضي، نتائج آخر استطلاع لرأي الناخبين الأميركيين العرب التي تُظهر الميول الانتخابية لهذه الكتلة الناخبة، إلى جانب توضيح الأولويات والقضايا التي تحدد مواقفها الانتخابية في السباق الرئاسي الجاري حالياً. ويلاحظ أن عناوين استطلاع الرأي قد تعددت كثيراً وترددت بصيغ مختلفة مثل: الأميركيون العرب يدعمون باراك أوباما، الأميركيون العرب يبتعدون عن الحزب "الجمهوري"، تدني شعبية إدارة بوش في أوساط الناخبين... الخ. وهناك نتيجة مثيرة للاهتمام بين ما أشارت إليه النتائج العامة التي خلص إليها هذا الاستطلاع، ألا وهي الاختلاف النسبي بين قاعدة الناخبين الأميركيين العرب، وبقية القواعد الأميركية الناخبة. فعلى سبيل المثال أشار ثلثا المستجيبين من أفراد هذه القاعدة لسؤال الاستطلاع: أي القضايا الانتخابية أكثر أهمية بالنسبة لك في الانتخابات الحالية؟ إلى الاقتصاد، مع ملاحظة أن نتائج الاستطلاع قد اكتملت قبل الصدمات الأخيرة التي ضربت "وول ستريت". أما القضية الثانية مباشرة من حيث الأهمية فكانت حرب العراق، ثم تلتها قضية السلام، ثم قضايا السياسات الخارجية عموماً، لتليها بعد ذلك قضية تكلفة الطاقة، والإرهاب والأمن القومي، ثم التعليم أخيراً. وهذه هي القضايا نفسها التي تهم عامة الناخبين الأميركيين. ولدى سؤالهم عن سبب تأييدهم للسيناتور باراك أوباما، أجاب نحو 40 في المئة منهم بأنهم يعتقدون أنه الأفضل في التصدي للقضايا الاقتصادية وغيرها من القضايا الداخلية الأخرى. ويلاحظ أن الأسباب نفسها تبرر تأييد قطاع كبير من الناخبين للمرشح "الديمقراطي" أوباما. ويلتقي الناخبون الأميركيون العرب مع غيرهم من الناخبين في قضايا أخرى من بينها الهوة الفاصلة بين الجنسين. ويلاحظ أن غالبية النساء منهم تميل إلى تأييد أوباما، في حين تميل أغلبية الذكور إلى تأييد منافسه "الجمهوري" ماكين. وبالقدر نفسه يكثر ميل الشباب الأميركيين العرب إلى تأييد أوباما، أكثر مما يفعل المتقدمون في السن منهم. وهنا أيضاً يواجه أوباما معضلة الفوز بأصوات الناخبين الكاثوليك الذكور، وهي المعضلة نفسها التي يواجهها في كسب ذات الأصوات في القواعد الناخبة الأخرى. كما تلتقي الكتلة الناخبة الأميركية العربية مع غيرها من بقية الكتل، في التعبير عن عدم رضاها وخيبتها إزاء أداء وسياسات إدارة بوش الحالية في القضايا الداخلية. ويعود الجزء الأكبر من مسؤولية تحول أقسام كبيرة من الناخبين من تأييدها السابق للحزب "الجمهوري" إلى تأييد منافسه الحزب "الديمقراطي" للشعور العام بالإحباط تجاه أداء وسياسات الإدارة الجمهورية الحالية. وبالنسبة للأميركيين العرب فقد بدا هذا التحول في الولاء الحزبي مبكراً منذ عام 2002 متأثراً بشعور عام بعدم الرضا في أوساط الجالية الأميركية العربية عن سلوك الإدارة ونهجها في مرحلة ما بعد هجمات 11 سبتمبر. وقد تأثر ذلك التحول بالإشارات السلبية الصادرة عن بعض مسؤولي الإدارة عن الإسلام، إلى جانب الهجمة الواسعة التي تعرضت لها الحقوق والحريات المدنية باسم مكافحة الإرهاب، وخاصة أن تلك الهجمة استهدفت العرب والمسلمين داخل أميركا وخارجها. ثم جاء غزو الإدارة للعراق وإهمالها لقضايا الشرق الأوسط وانحيازها السافر لإسرائيل، لتزيد الفجوة بينها وبين الأميركيين العرب. وبسبب توالي مجموعة من الإخفاقات الداخلية والخارجية، في الجوانب الاقتصادية وإعصار كاترينا والحرب على العراق..الخ، اتسعت فجوة الثقة بين الأميركيين عموماً وبين الإدارة، وانخفضت شعبية بوش إلى أدنى معدلاتها، بحيث لم تعد تتجاوز حدود الـ20? فحسب. وهذه هي نفسها شعبية الإدارة في أوساط الجالية الأميركية العربية الآن. وبلغة الأرقام والإحصاءات فقد كانت الهوة الفاصلة بين تأييد أفراد الجالية للحزبين "الديمقراطي" و"الجمهوري" هي 40- 38 في عام 2000. وفي عام 2002 تحركت هذه الفجوة لتصبح بفارق 39- 31. وفي عام 2004 كانت الفجوة بفارق 43- 32، لتصبح 45- 31. لكن وبحلول العام الحالي، تدنى تأييد العرب الأميركيين للحزب "الجمهوري" ليصل إلى أدنى معدلاته على الإطلاق، إذ لا تزيد نسبته على 20? فحسب، في مقابل 46? منهم يعلنون تأييدهم للديمقراطيين. وعلى رغم صعوبة التكهن بما ستفضي إليه هذه الأرقام في نوفمبر، إلا أن من المرجح أن يزداد تأييد الناخبين الأميركيين العرب للسيناتور أوباما، من هنا وحتى ذلك التاريخ.