نشأت "الجمعيات التعاونية" في دولة الإمارات العربية المتحدة بموجب القانون رقم 13 لسنة 1976، أي أنه مضى أكثر من ثلاثين عاماً على وجودها في الساحة الإماراتية، تغيّرت فيها كثير من الأمور والمعطيات، وبالتالي كان لابدّ من إعادة النظر فيها ومراجعة تجربتها، وفي هذا الإطار تأتي أهمية طلب وزارة الشؤون الاجتماعية، التي تخضع "الجمعيات التعاونية" لإشرافها وفقاً للقانون، من الجمعيات، في أغسطس الماضي، إبداء ملاحظاتها على القانون القائم بهدف مساعدتها في إعداد مشروع قانون جديد تعمل على إنجازه يتواءم مع المتغيّرات الجديدة في عمل "التعاونيات". إعادة النظر في تجربة "التعاونيات" في دولة الإمارات تكتسب أهميّتها من معرفة وظائفها والمسؤوليات التي يجب أن تقوم بها. فوفقاً لفلسفة إنشائها فإنها تؤدي العديد من المهام مثل توفير السلع الاستهلاكية بأسعار مناسبة وكسر احتكار السلع الرئيسية، وتحقيق التوازن في سوق السلع وغيرها من المهام الأخرى. إلا أن التجربة تشير إلى أن دور "الجمعيات التعاونية" على الساحة الاقتصادية الإماراتية أصبح يواجه بعض المشكلات، وتكفي الإشارة في هذا الصدد إلى أن هذه الجمعيات، وعلى الرغم من بعض المبادرات الإيجابية التي تقدّمت بها، لم تستطع في المحصلة النهائية أن تصمد في اختبار الغلاء، في الوقت الذي زادت فيه أرباحها بشكل كبير على الرغم من أن فكرة "التعاونيات" لا تقوم بالأساس على الربح وإنما على توفير السلع بأسعار منخفضة وخدمة المجتمع، فوفقاً لأرقام وزارة الشؤون الاجتماعية فإن الأرباح التي حقّقتها "الجمعيات التعاونية" في الدولة بلغت 758 مليوناً و534 ألف درهم في عام عام 2007، ووصل إجمالي المكافآت التي حصل عليها أعضاء مجالس إداراتها 56 مليوناً و389 ألف درهم بزيادة 5 ملايين و496 ألفاً على عام 2006. وهذا لا يعني بالطبع أن فكرة الربح غير واردة في عمل الجمعيات أو إهمال البعد الاقتصادي في إدارتها، ولكن يعني أنها يجب ألا تتعامل مع الربح بمنطق المؤسسات التجارية الأخرى، خاصة أنها معفيّة بموجب القانون من الكثير من أنواع الرسوم والضرائب، وألا يطغى البعد الاقتصادي في نشاطاتها على البعد الاجتماعي الذي يمثّل أساس عملها. إضافة إلى ما سبق فإن هناك الكثير من المتغيّرات التي تقتضي رؤية جديدة لـ"التعاونيات" وآليات عملها، وفي هذا الإطار فإن تقريراً صدر مؤخراً عن "مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار" في "غرفة تجارة وصناعة أبوظبي" طالب بإخراج "الجمعيات التعاونية" من الإطار الضيّق لمبيعات سلع التجزئة إلى الإنتاج والخدمات والتصنيع والسياحة والزراعة وغيرها، ودراسة إقامة تكتّلات تعاونية لمواجهة عمليات الاحتكار والارتفاع المستمر في الأسعار من خلال الاندماج بين الجمعيات، وفتح الباب أمام المواطنين لعضوية "الجمعيات التعاونية"، وذلك بهدف زيادة رأس المال الخاص بها، إضافة إلى تفعيل الرقابة على نشاط الجمعيات ودعم دورها في خدمة المجتمع. يمكن لـ"الجمعيات التعاونية" أن تقوم بالكثير في مواجهة غلاء الأسعار من ناحية وخدمة المجتمع من ناحية أخرى، فضلاً عن دورها في مجال الاقتصاد الوطني بشكل عام، وهناك تعويل كبير على دورها في هذا الخصوص من قبل الدولة والمواطنين، إلا أن تجربة الفترة الماضية تثبت أن الجمعيات تواجه مشكلة في القيام بهذا الدور على الرغم من أن عددها قد زاد بشكل ملحوظ، كما ارتفعت مبيعاتها وعدد المساهمين فيها وبالتالي رأس مالها، وهذا يقتضي مراجعة عميقة لهذه التجربة من أجل تفعيلها وتنشيطها وتحقيق الهدف الجوهري من ورائها. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية