في مقال الأسبوع الماضي، تطرقت إلى بعض ما يريده الدين منا، وركزت الحديث حول العلم والعمل اللذين يتعدى نفعهما للآخرين. وفي هذا المقال نعالج قضايا أخرى يريدنا الإسلام أن نقوم بها كواجب وتكليف وفي الوقت نفسه هي تشريف للإنسان المسلم. نعم هذا الدين العظيم بحاجة إلى أن نقوم ببعض الواجبات التي هي من صلب هذا الدين على عكس ما يظن البعض. من أبرز ما يريده منا ديننا الإسلامي الدعوة إلى الله تعالى، وهنا سيقف البعض متسائلاً: أليس هذا واجب العلماء؟ الجواب بحاجة إلى شرح بسيط، الدين الإسلامي ليس ديناً عنصرياً ينتقل عبر الوراثة كما هو شأن بعض الديانات، لكنه دين انتشر في الأرض بالدعوة إليه عبر قنوات مختلفة هذه الدعوة لا يستثنى منها أحد، وكيف يتنصل الإنسان من واجب الدعوة إلى الله، وهو يقرأ في القرآن الكريم: "قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني". فمن كان من أتباع النبي (عليه الصلاة والسلام)، فهو داع إلى الله بحكم كونه مسلماً. نعم هناك مسائل هي فعلاً بحاجة إلى علماء كي يقوموا بها، ولكن جمال الدين الإسلامي أن أموره بسيطة وليست معقدة، وبالتالي فمن السهل جداً الدعوة إليه. منذ فترة قصيرة، كنت أستمع إلى قصة إسلام إحدى الأميركيات، التي كانت تبحث عن الدين الحق، ملخص القول انها ونتيجة تشويه وسائل الإعلام الغربية لصورة المرأة المسلمة، لجأت إلى رحلة للبحث عن هذا الدين، فكانت أول محطة لها في العالم الإسلامي أن زارت الإمارات العربية المتحدة، تقول، وبعد استقراري في الفندق، خرجت أبحث واقع المرأة، وجلست مع رجل في القهوة وجدت فيه الصدق، حدثني عن الإسلام، فأثار الإعجاب بهذا الدين لدي ثم تأملت المرأة المسلمة التي تعيش في الإمارات، ورأيت في هذا الدين ما يسر عن واقع المرأة، ثم رحلت إلى لندن ووجدت المسلمين يعيشون حياة طبيعية، ليس كما نتصورها نحن في الغرب فأسلمت. هذه المرأة لم تُسلم على يد عالم من علماء الدين، لكنها تأثرت برجل يشرب القهوة، وامرأة أظهرت لها محاسن الدين بالحال وليس المقال. وهذا ما أقصده بالدعوة إلى الله تعالى، نعم نحن في دولة الإمارات العربية المتحدة ومن فضل الله تعالى علينا ومنته، وبرعاية من حكومتنا الرشيدة، نؤمن للجميع حرية الاعتقاد التي منحها الله تعالى للجميع "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي". لذلك نجد عقائد مختلفة تعيش في دولة متحدة، فماذا نفعل نحن المسلمون؟ واجبنا استثمار هذه الفرصة الذهبية، ففي السابق كان المسلم يهاجر كي ينشر دين الله، أما اليوم فقد جاءنا الكل كي يعيش في هذا الوطن، فهل نقدم لهم صورة متميزة عن هذا الدين ليس بالمقال فقط ولكن بالحال، يعني أن نكون نموذجاً لهذا الدين العظيم، دعوني أسق لكم مثلاً سيئاً نقدمه نحن المسلمون عن ديننا في رمضان، مع وجود استثناءات. الفكرة من رمضان أنه شهر الصيام، نتعلم فيه الصبر والسكينة. ولكن بعض المسلمين حولوه إلى شهر للضجر والتأخر عن العمل والكسل والغضب وشعاره سامحوني لأني صائم. وهذا عكس ما أراده الله تعالى من الصيام ففي الحديث، فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إني امرؤ صائم. فما هي الرسالة التي نبعثها لغير المسلم؟ أهي إيجابية أم سلبية؟ إنها بلا شك ليس ما أراده الله تعالى لنا كمسلمين مطالبين بالدعوة إلى الله تعالى. جانب آخر مرتبط بالدعوة إلى الله تعالى يكمن في أهمية العلم والاستعداد لهذه المهمة الربانية، لذلك آية الدعوة التي أشرت إليها في مطلع المقال تقول "على بصيرة أنا ومن اتبعني". والبصيرة تقتضي العلم، فلا يوجد أسوأ من شخص يدعو إلى الله عن جهل. وعندما أقول العلم لا أقصد بهذا العلم المتعمق، لكن علم يتناسب مع ما نمارسه في حياتنا، فلو سألت امرأة غير مسلمة إحدى المسلمات عن سبب حجابها فما هو ردها؟ هذا ما أقصده بالعلم الذي يساعدنا على الدعوة إلى الله تعالى بالحال، أي بالقدوة وبالمقال بعد العلم.