تولي دولة الإمارات العربية المتحدة أهميّة خاصة للتعليم في مستوياته ومراحله كافة، وهناك العديد من المبادرات والمؤشرات الدالة على ذلك، مثل: عمليات التطوير في المناهج والوسائل التعليمية وزيادة الميزانيات المخصّصة للتعليم وابتعاث الطلبة المتميزين إلى الخارج للدراسة في أعرق الجامعات العالمية وغيرها. الهدف من هذا كلّه هو إيجاد منتج تعليمي قادر على الوفاء بمتطلّبات التنمية والتجاوب مع متغيّرات العصر المتسارعة، وبالنظر إلى أن العملية التعليمية هي عملية تتكامل فيها العديد من العناصر فإن المعلم يعدّ أحد أهم هذه العناصر إن لم يكن أهمّها، لأنه هو المنوط به التنفيذ العملي لكل سياسات التطوير والتحديث في مجال التعليم، وهو المنوط به تطبيق المناهج الحديثة واستخدام الأساليب التعليمية المتقدّمة والتعامل مع الطلبة وتقويمهم وتوجيههم، وبالتالي فإنه إذا لم يكن هناك معلم عصري ومؤهّل ومتوافرة له كل الظروف التي تمكّنه من العمل في أجواء مواتية، فإن أي محاولات لتطوير العملية التعليمية سوف تفقد الكثير من زخمها وتأثيرها. في هذا الإطار تأتي أهمية الخطوة التي أعلن عنها، مؤخراً، معالي الدكتور مغير خميس الخييلي، مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم، من أن المجلس قد بدأ في تنفيذ عدد من الإجراءات الإدارية لحصر أعداد المعلمين المواطنين والوافدين العاملين بالمناطق التعليمية المختلفة في الإمارة استناداً إلى إحصاءات المسح الميداني التي أجريت مؤخراً، من أجل تكوين قاعدة بيانات إلكترونية عنهم تساعد في تلبية احتياجاتهم، خاصة فيما يتعلّق بإنجاز المعاملات المالية والإدارية والإسكان والضمان الصحّي والإقامة وغيرها. إن هذه الخطوة تعني أكثر من أمر: الأول هو إدراك أهميّة توفير أجواء من الاستقرار للمعلم تمكّنه من العمل دون مشكلات وبالتالي يستطيع أن يؤدي الرسالة التعليمية المطلوبة منه على أكمل وجه. الأمر الثاني هو إدراك أهميّة توفير الاستقرار للعملية التعليمية نفسها من خلال دعم المعلم ومساعدته والتفاعل مع احتياجاته. الأمر الثالث هو الإدراك لحقيقة الترابط بين مكوّنات العملية التعليمية وموقع المعلم المحوري فيها، فلا يمكن لهذه العملية أن تحقّق الهدف منها دون الترابط والتكامل بين جوانبها وعناصرها المختلفة أو الاهتمام بجانب دون الآخر. وإذا كان الاهتمام بالمعلم عامة يمثّل عنصراً محورياً في العملية التعليمية في دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن الاهتمام بالمعلم المواطن وتعزيز دوره وموقعه في حقل التعليم بالدولة، يمثّل أولوية كبيرة، خاصة في ظلّ المؤشرات التي تقول إن مهنة التدريس ليست من المهن الجاذبة للمواطنين، بل إن بعض المواطنين الذين تمّ ترشيحهم للعمل بها في العام الدراسي الحالي من قبل وزارة التربية والتعليم قد اعتذروا عن عدم استلام وظائفهم في بداية العام الدراسي. تعميق دور المعلم المواطن في العملية التعليمية يكتسب أهميته من اعتبارات كثيرة إلا أن أهمّها يعود إلى أن التعليم يعدّ من القطاعات التي تتصل اتصالاً جوهرياً بالأمن القومي لأي مجتمع، لأنه يقوم على بناء العقول وزرع القيم والأفكار والتوجّهات، ولهذا فمن الضروري أن يكون للمعلم المواطن الدور الأبرز فيه. ـــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.