تساهم السرعة الزائدة بنسبة 30? من إجمالي الوفيات الناجمة عن حوادث السير والمرور في الولايات المتحدة الأميركية، أي ما يعادل نحو 13 ألف وفاة سنوياً، في حين تعد القيادة تحت تأثير الكحول مسؤولة عن وفاة نسبة 39? من مجموع قتلى الحوادث المرورية، وفقاً لمعلومات وإحصاءات "الإدارة القومية لسلامة طرق المرور السريع". لكن خلافاً للمصاعب التي تحيط بتغيير سلوك السائقين المخمورين، فإن في الإمكان وضع حد مباشر وفي غاية السهولة لمشكلة تجاوز سرعة القيادة القانونية. ويكمن هذا الحل في صنع سيارات لا تستطيع تجاوز السرعات القانونية. واليوم فإن في وسع غالبية السيارات الأميركية السير بسرعة تتجاوز الـ100 ميل في الساعة، وهي سرعة غير قانونية في كافة الولايات. والحقيقة أنه لا سند ولا سابقة تذكر لهذا التصنيع المتعمد للسيارات المتجاوزة للسرعة، والتي يصعب كبحها في الطرق السريعة عند الخطر. فنحن عادة ما ننظم كل شيء نصنعه بحيث نقلل من خطره على سلامة وأمن الجمهور... من أسرّة الأطفال وحتى خوذات الدراجات الهوائية. لكن رغم ذلك ترانا نصر على تصنيع السيارات العالية السرعة، مع أنها لا تكف عن حصد مزيد من الأرواح سنوياً، بينما نتكلف عشرات المليارات من الدولارات سنوياً في علاج ضحاياها، إضافة إلى الاستهلاك الزائد للوقود جراء السرعة الزائدة. وكما نعلم فإن مقاومة الريح العنيفة للسيارة الزائدة السرعة، تؤثر سلباً وبدرجة كبيرة على كفاءة استهلاك الوقود. والأسوأ من هذا أن كافة الوثائق الفيدرالية التي توثق للحوادث المرورية، يلاحظ عليها عدم إعطائها أهمية تذكر لدور السرعة الزائدة. بل إن السرعة الزائدة ليست حتى أولوية من أولويات "الإدارة القومية لسلامة وأمن طرق المرور السريع". ففي التقرير السنوي لهذه الإدارة عن الحوادث المرورية القاتلة، لا يرد إلا ذكر الكحول وأحزمة الأمان وسلامة المركبة وسيطرة السائق على عجلة القيادة، بين الأسباب الرئيسية المؤدية للحوادث وحالات الوفاة. وتأتي السرعة الزائدة بين العوامل الثانوية الأخرى المؤدية للحوادث نفسها، مثل عبور التقاطعات والدخول والخروج من الطريق السريع... إلخ. وبالمقارنة، فقد خصص التقرير السنوي للإدارة المذكورة ما لا يقل عن 20 صفحة للحديث عن خطر القيادة تحت تأثير الكحول، بينما خصصت 3 صفحات فحسب للسرعة الزائدة، في وثيقة تبلغ صفحاتها 150 صفحة! وإذا ما ألقينا نظرة فاحصة عميقة على تقرير الإدارة نفسها عن الحوادث المرورية القاتلة في عام 2005، فسنندهش للطريقة التي دونت بها المعلومات المتعلقة بالحوادث الناتجة عن السرعة الزائدة. ولك أن تنظر إلى هذه المعلومات على سبيل المثال. ففي ولاية تكساس، لقي 3504 أشخاص مصرعهم في حوادث مرورية وقعت عام 2005، اعتبرت من بينهم 1426 حالة (نحو 41?) ناجمة عن السرعة الزائدة. وتتناقض هذه النسبة تناقضاً صارخاً مع حالات الوفيات في ولاية فلوريدا البالغ عددها 3543 حالة، والتي لم يزد عدد الحالات الناشئة فيها عن السرعة الزائدة على 239 حالة فحسب، أي بنسبة 7? من إجمالي الوفيات. وكذلك تشير معدلات الوفيات ذات الصلة بالسرعة الزائدة في كل من ولايات أركنساس وجورجيا وأيوا وكنتاكي ولويزيانا ونيو جيرسي وغيرها، إلى نسب أقل من 20?. والسؤال الذي نثيره تعليقاً على هذه الفوارق الكبيرة في النسب بين الولايات هو: هل يقود السائقون في بعض الولايات بسرعات أكبر من أقرانهم في الولايات القريبة المجاورة؟ أستبعد أن يكون الأمر كذلك مطلقاً. وربما يتفاوت تحليل الولايات لحوادث الموت المروري الخاص بها لأسباب عديدة وبطرق شتى، إلا أن معدل 28? سنوياً يكاد يكون متوسط الوفيات الذي تجمع عليه كافة الولايات فيما يتصل بحالات السرعة الزائدة. ثم هناك علاقة ما بين السرعة الزائدة والقيادة تحت تأثير الكحول. فوفقاً لتقرير إدارة سلامة طرق المرور السريع لعام 2006، فإن لنسبة 41? من الحوادث الناشئة عن تأثير الكحول علاقة بزيادة السرعة. وتشير الإحصاءات نفسها إلى أن نسبة 67? من السائقين الذين توفوا جراء السرعة الزائدة أثناء القيادة ما بين منتصف الليل وحتى الساعة الثالثة صباحاً، كانوا تحت تأثير الكحول أيضاً. وبما أن أسلوب إصدار المخالفات المرورية للسائقين المسرعين –سواء اعتماداً على أجهزة الرادار أم غيره من وسائل ضبط المخالفين، لا تفيد كثيراً في ردع هذه الفئة من السائقين، حسبما أكدت التجارب والممارسات العملية- فإنني أعود تارة أخرى لاقتراحي الأول الذي يتلخص في أن الحل الناجع لهذا السلوك المتهور هو أن تنتج بلادنا سيارات تصمم أساساً بحيث لا تتجاوز السرعة القانونية المعمول بها في جميع الولايات. وقد وجدت هذه التكنولوجيا بالفعل منذ نحو 50 عاماً، ويطلق عليها اسم "cruise control"، وهو تصميم خاص بالتحكم في السرعة، بحيث تكون سرعة السيارة ثابتة في جميع الأحوال. ورغم قابلية هذه التكنولوجيا للتعديلات الطفيفة في معدل السرعة، فإنها تضمن ثبات السرعة في حدود 75 ميلاً في الساعة، وهي السرعة القانونية التي ينبغي أن نصمم على أساسها أي سيارة جديدة ننتجها. والواجب أن نجعل منها معياراً للتصميم، شأنها شأن أحزمة الأمان وإشارات الانعطاف وأضواء المكابح والأكياس الهوائية. كينت إيه. سيبكوفيتز ـــــــــــــــــ نائب الرئيس الطبي لمركز "سلون -كيترينج التذكاري للسرطان" ـــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"