تعرضت بعض البنوك في دولة الإمارات العربية المتحدة، مؤخراً، إلى عمليات اختراق خارجية لحساباتها وسرقة أموال من حسابات بعض العملاء، ما دعاها إلى الطلب من عملائها اتخاذ بعض الاحتياطات التي من شأنها أن تحدَّ من هذه العمليات الإجرامية أو تمنع حدوثها. وهذه ليست المرة الأولى التي تجري فيها مثل هذه العمليات، حيث سبق أن شهدت بعض بنوك الدولة عمليات مماثلة في الماضي بدرجات مختلفة. والخطر في الأمر أن المسألة تتمّ بشكل منظّم وتقف وراءها عصابات محترفة في دول خارجية مثل روسيا والولايات المتحدة ودول أوروبية وإفريقية مثلما أشار إلى ذلك مدير إدارة الفروع في "بنك دبي الإسلامي"، راشد محبوب، مؤخراً. لاشك في أنه يحسب للبنوك التي تعرضت لعمليات السطو أنها تعاملت بشفافية مع المسألة وأعلنت عن هذه العمليات، حيث كان من شأن ذلك أن دفع العملاء إلى الانتباه ومراجعة حساباتهم وتغيير أرقامهم السرية لتفادي تعرّضهم للسرقة، ولم تنظر إلى الأمر بحساسية أو تعتبره ماساً بسمعتها، خاصة أن عملية السطو الإلكتروني على حسابات البنوك هي "جريمة مالية" موجودة على النطاق العالمي ويقوم عليها مجرمون محترفون في هذا المجال، وهناك صراع عقول من أجل تأمين البرامج الإلكترونية الخاصة بعمل البنوك في مواجهة أي محاولة للاختراق أو السطو. الإمارات دولة منفتحة اقتصادياً، وبها جهاز مصرفي قوي ومتطور باستمرار، ولهذا يتمّ استهدافها من قبل محترفي الجرائم المالية سواء كانت سطواً على الحسابات أو عمليات احتيال أو غسل أموال أو غيرها، وتسعى الدولة دائماً إلى وضع القوانين والتدابير والإجراءات التي من شأنها أن تمنع هذه الجرائم وتكشفها، ولهذا يحظى جهازها المصرفي بالثقة الكبيرة على المستويين الإقليمي والدولي، ولا تستطيع بعض عمليات الاختراق المتفرقة لحسابات العملاء أن تهز هذه الثقة وخاصة أنه يتمّ التعامل معها بشكل يعزّز الثقة ويعمّقها. لقد أعلنت بعض البنوك الإماراتية، خلال الفترة الماضية، عن شراء برامج متخصصة في مواجهة الجرائم المالية بمختلف أنواعها. ولاشك في أن مثل هذه البرامج على درجة كبيرة من الأهمية ولكنها ليست ضمانة نهائية للقضاء التام على ظاهرة اختراق الحسابات البنكية من قبل مجرمين محترفين لديهم أساليبهم الخاصة في الالتفاف حول برامج الحماية ويعملون باستمرار على إيجاد الثغرات والمنافذ التي يمكنهم النفاذ منها لتحقيق أغراضهم وكسر سياج الحماية الذي توفره البرامج المتخصصة وتجاوزها والقفز فوقها، وبالتالي فإن المسألة تحتاج إلى التحرك على أكثر من مسار، منها البحث عن حماية إلكترونية قوية، ومنها الاهتمام بتوعية العملاء أيضاً فيما يخص بطاقات السحب الإلكترونية وطريقة استخدامها وكيفية الحفاظ على الرقم السري ورقم الحساب وغير ذلك من الأمور التي أشارت التقارير، مؤخراً، إلى أن المجرمين ربما يستغلون أي تهاون أو خطأ فيها من أجل السطو على حسابات العميل وسرقته. كلما توسع البنك في خدماته الإلكترونية عبر "الإنترنت"، كلما أصبح عرضة لمحاولات اختراق حساباته من قبل مجرمين متخصصين، وهذا يفرض على البنوك تحدياً كبيراً.. الاستفادة من ثورة الاتصالات العالمية في أعمالها، وفي الوقت نفسه التحصن ضد محاولات الاختراق. وعلى الرغم من بعض عمليات السطو المتفرقة، فإن بنوك الإمارات ناجحة في هذا التحدي.