مهمة صعبة أمام "زرداري"...ودعوة لحماية مسلمي بريطانيا من التطرف

ترشيح "سارة بالين"، وتنصيب "آصف زرداري" رئيساً لباكستان، وتحقيقات المؤامرة الإرهابية في بريطانيا... موضوعات نسلط عليها الضوء ضمن قراءة أسبوعية في الصحافة البريطانية:

"سارة بالين ليست تلك الفتاة القادمة من مدينة صغيرة مغمورة": تحت هذا العنوان، نشرت "الديلي تلغراف" أول من أمس الثلاثاء افتتاحية، رأت خلالها أن هناك القليلين في أميركا وخارجها ممن يعرفون شيئاً عن "سارة بالين" الذي جاء اختيارها من قبل "ماكين" كمرشحة لمنصب نائب الرئيس مفاجأة صاعقة لدى الأميركيين والعالم. والسبب- بحسب الصحيفة- أن قليلين هم فقط من يعرفون شيئاً عن خلفياتها وعن طبيعة القوى التي شكلت تلك المرأة في ولاية آلاسكا النائية، والتي أدت إلى صعودها من منصب عمدة لمدينة صغيرة لا يزيد عدد سكانها عن 9000 نسمة إلى منصب حاكم ولاية مترامية الأطراف إلى نائبة رئيس محتملة في بحر سنوات قليلة.

ترى الصحيفة أن هناك العديد من التحديات التي واجهت "بالين" خلال عملها في آلاسكا. فبعد توليها لمنصب نائبة الحاكم كان التحدي الأول الذي واجهها هناك هو العمل بسرعة من أجل تحويل الولاية إلى لاعب رئيسي في مجال سياسات الطاقة العالمية والعمل على التصدي لسيطرة شركات النفط الكبيرة، وإزالة القيود البيروقراطية السخيفة ومنها قانون كان يحول بين الولاية وبين تصدير النفط لثماني وأربعين ولاية أخرى. وعملت "بالين" منذ البداية على أن يكون للسكان الأصليين في الآسكا نصيب في الكعكة النفطية- ربما يكون الذي دفعها لذلك إضافة لعوامل أخرى أنها متزوجة برجل من الأسكيمو- فأعدت خطة تقوم على ثلاثة محاور هي: تنظيف العمل السياسي في الولاية من الفساد، ومد خط أنابيب لنقل الغاز، وزيادة نصيب الولاية من عائدات الطاقة، ومن خلال نجاحها في عملية الإصلاح هذه، والثقة التي حظيت بها من السكان، تمكنت من اكتساح المرشح "الجمهوري" للولاية والمحافظ "الديمقراطي" السابق في الانتخابات على منصب الحاكم. وترى الصحيفة أن كل ذلك يقطع بأن خبرة العمل السياسي الميداني لا تنقصها كما أنها تتميز بوضوح الرؤية حيال ما يعرض لها من أمور، وتعرف عندما تتولى مسؤولية شيء لمن تتصدى ، ومن تتجنب وهي كلها أمور لم يفهمها "بايدن" و"أوباما" بشأن شخصيتها فارتكبا خطأً فادحا ارتكبه الكثيرون ممن تعاملوا مع هذه السيدة كما ارتكبه عدد كبير من أعدائها على مدى العقد الماضي.

"الحكم على زرداري": بدأت "التايمز" افتتاحيتها أول من أمس بالقول إن" آصف زرداري" ومنذ عام واحد فقط، كان شخصية مجهولة تقريباً خارجياً، أما داخليا فقد كان معروفاً بأنه رجل ذو سمعة ليست فوق مستوى الشبهات بسب الاتهامات التي كانت قد وجهت إليه في الماضي بالتربح من الصفات التجارية التي كانت تبرمها الحكومة الباكستانية مع جهات خارجية وداخلية مستفيدا من وضعه كزوجً لرئيسة وزراء باكستان الراحلة "بينظير بوتو"، وهي الاتهامات التي كانت سبباً في الزج به خلف أسوار السجن لسنوات طويلة.أما الآن- فترى الصحيفة- أن جميع المحللين سواء في الداخل والخارج، سوف يتابعون باهتمام فائق كل ما يقوله الرجل، وكل ما يعد به بعد أدائه لليمين الدستورية، وما إذا كان سينجح حقاً في توحيد صفوف بلاده المنقسمة على نفسها، ومواجهة تهديد الإرهاب، والنزعات الانفصالية في هذا البلد الكبير الذي يبلغ عدد سكانه 165 مليون نسمة، ويحقق وعده القائل إن الديمقراطية سوف توفر لها مستقبلاً أفضل مما توفره الديكتاتورية العسكرية أم لا؟. ترى الافتتاحية أن مساحة المناورة المتاحة أمام "زرداري" محدودة، لأن الرأي العام في باكستان مناوئ للأميركيين في معظمه، ولأن المصالح الطائفية تعطل الإصلاح بها، ولأن علاقاته مع الجيش وهو عنصر حاسم في مواجهة الإرهاب غير مؤكدة أو مضمونة، ولأن مؤسسة الرئاسة بعد تقليم أظافرها ليس أمامها سوى خيارات محدودة، وأنه ليس أمامه إذا ما أراد أن يفي بما التزم به سوى أن يبذل مجهوداً خارقاً، ويتابع بنفسه تنفيذ ما وعد به يوما بعد يوم، ويعيد تنظيم تحالفاته مع القوى الأخرى في الساحة السياسية الباكستانية، وهي مهمة شاقة بكافة المقاييس يرى الكثيرون أن الرجل سوف يواجه عناءً كبيرا في إنجازها.

*"المؤامرات والمتآمرون": تبدأ "التايمز" افتتاحيتها ليوم أمس الأربعاء، بالقول إنه على الرغم من فشل القضاء البريطاني في إدانة ثمانية رجال بالتآمر لإجراء عملية اغتيال كبرى على متن طائرة من الطائرات العاملة عبر الأطلسي، فإن التحقيقات التي سبقت تلك المحاكمة، أسفرت عن نتائج تدعو للقلق والانزعاج من ناحية، كما تدعو لليقظة من ناحية أخرى. فما يدعو للانزعاج في رأي الافتتاحية تلك الطريقة التي تمكنت بها الراديكالية العنيفة من التغلغل لعقول عدد من الشباب البريطاني المسلم، وكذلك درجة التعقيد الذي اتسمت به المؤامرة، والروابط الوثيقة التي تمكنت تلك الجماعة من الشباب من إقامتها مع تنظيم "القاعدة"، ومعسكرات التدريب في باكستان. وتطالب الافتتاحية السلطات البريطانية ببذل العديد من الجهود في أوساط الشباب البريطاني المسلم، من أجل محاربة الأفكار المتطرفة والمتعصبة، على ألا تتداخل هذه الجهود مع الجهود المتعلقة بقضايا أخرى مثل الحرب في العراق وأفغانستان أو مسودة قانون الاعتقال المقترح لمدة 42 يوماً، لأن هذه الجهود تكتسب أهمية مضاعفة في الوقت الراهن خصوصاً بعدما أثبتت كافة الدلائل أن "القاعدة" لا تزال أبعد ما تكون عن الهزيمة، وأن الأمن البريطاني لا يزال مزعزعاً.

إعداد: سعيد كامل