للمشروعات الصغيرة والمتوسطة دورها الكبير في الاقتصاد، ولذلك تهتمّ الدول المختلفة بدعم هذه المشروعات بطرق مختلفة وتعمل على تعظيم المردود منها. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة هناك اهتمام كبير بهذا النوع من المشروعات وتوفير الدعم المالي والاستشاري لها، وفي هذا الإطار تأتي أهمية ما أعلنته فضة لوتاه، مدير عام هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية الوطنية "تنمية"، مؤخراً، من أن الهيئة سوف تضع في شهر ديسمبر المقبل إطاراً اتحادياً لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتعاون مع الحكومات المحلية في مجال تنفيذ هذه المشروعات. هذا الإطار الاتحادي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة الجاري إعداده الآن، ليس المظهر الوحيد من مظاهر دعم الدولة لهذه المشروعات، فهناك "صندوق خليفة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة"، الذي أنشئ في يونيو 2007 برأسمال 300 مليون درهم ويقوم بإعداد دورات تدريبية حول كيفية تنظيم مشروع صغير أو متوسط وتأسيسه وتوفير الخدمات الاستشارية في مجالات الإدارة والمحاسبة والتسويق وغيرها، وهناك أيضاً "مؤسسة الشيخ محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب"، و"مؤسسة الشارقة لدعم المشاريع الريادية" (رواد)، وغيرها من المبادرات والبرامج مثل برنامج "مبدعة" الذي يرعاه "مجلس سيدات أعمال أبوظبي" و"غرفة تجارة وصناعة أبوظبي" وبدأ عام 2005 ويقوم على منح المواطنات رخصاً تجارية تتيح لهن ممارسة العمل التجاري من المنزل مع تقديم الخدمات المساعدة لهنّ في مجال التسويق، وبرنامج "ريادة" الذي تنظّمه "غرفة تجارة وصناعة أبوظبي" بالتعاون مع "منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية"، ويقوم على تدريب المشاركين فيه على اكتساب مهارات إنشاء مشروع صغير. يمكن للمشروعات الصغيرة والمتوسطة أن تمثّل إضافة إلى الاقتصاد الوطني الإماراتي من أكثر من ناحية: أولاها معالجة مشكلة البطالة من خلال جذب المواطنين الذين لا يجدون فرصة توظيف نحو العمل الحرّ في مشروع خاص مع توفير الدعم التدريبي والمالي والتسويقي لهم بدلاً من الوقوع في أسر البطالة وما يمكن أن تؤدي إليه من مشكلات. ثانيتها توجيه المدّخرات المحلية إلى مجال الإنتاج والاستثمار بدلاً من استنزافها في مجالات الاستهلاك المختلفة. ثالثها المساهمة في تنويع هيكل الإنتاج في الدولة، حيث يمكن للمشروعات الصغيرة والمتوسطة أن تشارك بإنتاج الكثير من السلع الوسيطة المتنوّعة التي يحتاجها الاقتصاد، والسلع التي تتواءم مع احتياجات المناطق المختلفة التي تقام فيها هذه المشروعات، رابعها العمل على تحقيق التنمية المتوازنة، حيث تتميّز المشروعات الصغيرة بالقدرة على الانتشار والحركة، وبالتالي تغطية المناطق المختلفة في الدولة وعدم التركز في مكان أو أمكنة محدّدة عدّة. أخيراً فإن هذه المشروعات تفجّر طاقات الإبداع لدى الشباب الإماراتي وتتيح له الفرصة لإدارة مشروعه الخاص بدلاً من انتظار فرصة توظيف حكومي. ولكي تقوم المشروعات الخاصة بهذا الدور المهم في الاقتصاد الوطني، فإنه من المهم أن يتوافر فيها شرطان: الأول هو اتجاهها إلى مجالات إنتاج حقيقية تمثّل إضافة إلى الدخل القومي وليس مجالات استهلاكية سعياً وراء الربح السريع. الثاني هو التنوّع والتخصّص، بحيث لا يتم تركيز كل المشروعات أو غالبيتها في مجال واحد وإهمال المجالات الأخرى.