غادر مُرشح الحزب "الديمقراطي" للرئاسة الأميركية باراك أوباما منطقة الشرق الأوسط دون أن يفصح عن تغيرات في السياسة الأميركية تجاه المنطقة.. فهو حتى رغم كونه مرشح التغيير في الانتخابات الأميركية، إلا أنه في النهاية وضع المصلحة الأميركية فوق أي اعتبار آخر، وكما كان متوقعاً في فترة الانتخابات، تعهد أوباما خلال زيارته لإسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة بالعمل كشريك بناء من أجل صنع السلام... مضيفاً أنه لن يضيع أي دقيقة في حال انتخابه من أجل تحقيق هذا الهدف. وأكد على العلاقة الخاصة التي تربط بلاده وإسرائيل، متعهداً بالتزامه الدائم لأمنها. أما فيما يخص الملف الإيراني، فقد أكد المرشح الديمقراطي أن حيازة إيران للأسلحة النووية، هو تغيير لقواعد اللعبة في المنطقة والعالم، معتبراً ذلك أكبر تهديد بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة على حد سواء، وأضاف أنه على الولايات المتحدة أن تقف إلى جانب حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها أمام الذين يهددون شعبها. أما عملية السلام في المنطقة، فإن سياسته لن تختلف عمن سبقه، فهو يريد الجميع أن يدركوا بأن القرارات المطلوبة لإنجاز عملية السلام هي قرارات فلسطينية وإسرائيلية. في الشأن العراقي ظهرت أكثر من إشارة إلى أن أوباما سيقوم في حال فوزه بسحب قوات بلاده خلال فترة لا تتعدى 16 شهراً. واضح أن المرشح الديمقراطي كان حذراً في تصريحاته حول قضايا المنطقة، لأنه لا يريد تلطيخ صورته أمام ناخبيه في أميركا، والذين يعتقد كثير منهم أنه قد يغير سياسته تجاه إسرائيل فقط لأن أباه مسلم. هل يعني ذلك أن أوباما لا يملك رؤية واضحة لقضايا العالم بشكل عام والشرق الأوسط بشكل خاص في السياسة الخارجية؟ المرشح الديمقراطي لديه رؤية واضحة لكل القضايا، لكن أولوياته في هذه المرحلة هي التركيز على القضايا الداخلية... فهو يرى أن تطلعات الناس أوسع نطاقاً وأكثر أهمية وتشمل الطعام والمسكن والوظائف. فقد صرح للصحافة بالقول إنه عندما تتحقق هذه التطلعات، نمهد بذلك الطريق أمام الأنظمة الديمقراطية التي تطمح إليها. مرة أخرى ما هو موقفه من العراق؟ موقفه في العراق لم يتغير بعد الزيارة الميدانية، فهو يرى أن العراق يلهي عن أمور أكثر أهمية، وكلما أسرعت أميركا في الحد من تعرضها للأخطار هناك يكون ذلك أفضل. لا أحد يعرف حتى الآن من سيفوز بالانتخابات القادمة، لكن المرافقين للمرشح الديمقراطي في رحلته الأخيرة للمنطقة، أكدوا أن لديه رؤية مفادها أنه مع تطور الدول لتصبح أكثر حداثة وانغماساً في النظام الاقتصادي والسياسي الدولي، وبالنسبة إليه فإن بلداناً مثل إيران وكوريا الشمالية هي عوائق في وجه تيار التاريخ ومهمة أميركا هي دفع القوى التقدمية نحو الأمام باستخدام قوتها الناعمة، ومحاولة حمل القوى الكبرى في العالم على حل مشاكله الأساسية. لذلك يمكنكم أن تصفوا أوباما بالواقعي المتفائل أو المتفائل الواقعي، لكن لا تصفوه بالساذج. من تصريحات المرافقين، نلمس أن أوباما لن يلجأ إلى العنف واستعمال القوة في تحقيق أهداف السياسة الأميركية في المنطقة مستقبلاً، فقد وعد عند توقفه في أوروبا بتجاوز خلافات أميركا معها، والتركيز على مواجهة التحديات العالمية المتصلة بالإرهاب والاحتباس الحراري، طالباً مساعدة أوروبا للتغلب على "طالبان" في أفغانستان. كما دعا إلى إلغاء الجدار بين الدول الفقيرة والغنية، وإلى إلغاء الجدران بين الأعراق والقبائل وبين المواطنين والمهاجرين وبين المسيحيين والمسلمين واليهود.. وهي دعوة تلقى قبولاً من الجميع.