يقول "فورمان": "إذا كنت دائماً تقوم بما اعتدت القيام به، فإنك ستحصل على ما تعودت الحصول عليه دائماً"، وهذه المقولة صادقة في التطوير التربوي لدينا، فنحن نغير في المسميات وليس الممارسات، ونرفع شعارات لكنها لا تلمس واقع التعليم في المدرسة إلا ما ندر، ومن هنا نلحظ ذاك التردد في الخطط والبرامج كما نشاهد المعارضة للتغيير واسعة لدينا. ففي الدراسات الأميركية تقول "نيلا كونرز": إن 5% من المعلمين يؤيدون التغيير مباشرة و25% يؤيدونه، لكن بعد فترة وجيزة من الزمن، و60% يقولون: دعونا ننتظر، فإن لبى التغيير طموحاتنا قبلناه، ويبقى لدينا 10% لن يقبلوا بأي تغيير تحت شتى الظروف لقناعات لديهم ليس من السهل تغييرها، لذلك من الأفضل تغييرهم. لكن قبل أن نطبق هذه القاعدة ونصل إلى المقترح نفسه، من المهم جداً أن نتلمس قواعد التغيير الصحيحة إن شئنا تغييراً نوعياً في التعليم يكون له صدى في كل فصل دراسي، فمن أهم هذه القواعد ما يلي: الدعوة إلى الحوار العام الذي نشرك فيه القطاعات كافة المهتمة بالتعليم من الميدان وخارجه، فماذا يضر المسؤولين في التربية والتعليم لو تواصلوا مع مجالس الآباء في الدولة وجمعية المعلمين، ومديري المدارس العاملين فيها، بل وحتى التلاميذ في المراحل المتقدمة من التعليم، كي تتكون قناعة واضحة بأهمية التغيير والحاجة إليه، وكي نؤكد لهم أنهم ضمن فريق التفكير والتخطيط والتنفيذ لهذا التغيير المنشود، وهنا يأتي دور الإعلام الذي لا ينبغي إهماله، فليس الدور المطلوب من الإعلام تغطية تنقلات المسؤولين في التربية والمهرجانات التي يحضرونها، لكن دوره واضح في دراسة الواقع وتهيئة الناس لمرحلة التغيير المنشودة. لو نجحنا في هذه الخطوة، فإن ما بعدها سيكون سهلاً بإذن الله تعالى. ومن واقع التجربة، نجد ندرة في استخدام هذه الخطوة لدينا في التعليم مما يزيد من نسبة الرافضين للتغيير. تلي هذه المرحلة خطوة تشكيل فرق العمل التي ستدرس بعمق الواقع الذي نمر به، وستضع اليد على الجرح وفق منهجية علمية متعارف عليها في العالم، فهي لا تنسف الواقع بل تبني عليه ولا ترفض كل ما تم إنجازه، بل تقر الجيد منه والذي يتناسب مع روح العصر الذي نمر به. فريق العمل هذا يؤمن بوجود ثوابت في التعليم لا ينبغي المساس بها، كلغتنا التي نعتز بها وينبغي نقل هذا الاعتزاز لكل من ينتمي لجهاز التربية والتعليم، ولو فقدنا لغتنا فهويتنا، بلا شك، معرضة لهزة قوية تقتلعها من جذورها. من هنا تأتي أهمية اختيار أعضاء فرق العمل هذه من الخبراء الذين يتميزون بالأصالة والمعاصرة ولهم جذور واضحة وانتماء لهذا الوطن لا يتزعزع، ولا بأس من الاستعانة ببعض الخبرات الأجنبية كمستشارين ليس إلا، فهم ليسوا أصحاب قرار بقدر ما يقدمون الرأي العلمي في بعض المتغيرات. فريق العمل هذا، بعد دراسته للواقع، ينطلق إلى وضع الرؤية والرسالة والأهداف التي تبتغي التربية تحقيقها في المرحلة القادمة، ولا ينطلق إلى مرحلة التنفيذ قبل عرض تصوراتها على أكبر قاعدة ممكنة من أصحاب الشأن، وأهمهم المعلمون ومديرو المدارس، إضافة إلى أولياء الأمور والجهات الوطنية كالمجلس الوطني الاتحادي؛ لأنه بعد الانتهاء من هذه المرحلة سيصبح الطريق إلى عمليات التنفيذ واضحاً، فقد علم كل أناس مشربهم. عند التنفيذ، تبرز عقبات متوقعة وأخرى غير متوقعة، وهنا يأتي الدور الخطير للقائد الذي من شأنه تخطي العقبات كافة وتذليلها لفرق التطوير. لدينا مسؤولون ترتفع أصواتهم عند بداية كل مشروع، لكنهم يختفون لسبب أو لآخر عند بروز أول عقبة أو نقد. في هذه المرحلة تتجلى أهمية المتابعة والحاجة إلى مؤشرات التطوير أثناء القيام بالخطوات المناسبة في مرحلة التنفيذ، فما من تطوير يبدأ بمرحلة وينتهي في مكان لم نحسب له حساب لأننا أهملنا متابعة التطوير في مراحله المختلفة حتى نصل إلى مرحلة الاحتفال بالتغيير الناجح.