في يوم الجمعة الموافق 11 يوليو الجاري، قضت المحكمة بالحكم على أحد مواطني أرلينجتون بولاية فرجينيا، بالسجن لمدة عامين، عقاباً له على تهديد سلامتي وحياتي، وتوجيه تهديدات تفيض بالكراهية، استهدفت انتهاك حقوقنا المدنية بالمعهد العربي الأميركي. وبعد الإفراج عنه، من المقرر أن يظل تحت المراقبة لمدة ثلاث سنوات أخرى، إضافة لإلزامه بأداء خدمة اجتماعية، والخضوع للاستشارات النفسية. وليست هذه القصة سوى جزء يسير طافٍ على السطح من قصص جرائم الكراهية هذه، وما يرتبط بها من استجابة الجهات المسؤولة في أميركا. وفي الوقت الذي لم تكن فيه وزارة العدل تُدار كما ينبغي طوال السنوات الثماني الماضية، إلا أنه يجب الثناء على أداء ممثلي الادعاء العاملين بقسم الحقوق المدنية التابع للوزارة، وكذلك على حسن أداء عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي الذين يعملون مع ممثلي الادعاء ويتعاونون معهم في التحقيقات الخاصة بانتهاك الحقوق المدنية للمواطنين. وقد أحسن هؤلاء جميعاً العمل في ملاحقة مرتكبي جرائم الكراهية بحق العرب والمسلمين الأميركيين. والحقيقة أن العرب الأميركيين -ومن بينهم شخصي- ظلوا يتعرضون لتهديدات العنف وجرائم الكراهية المرتكبة بحقهم منذ عدة عقود. غير أنه لم يسبق أن أبدت الأجهزة الحكومية الأميركية كل هذا القدر من الالتزام بملاحقة مرتكبي تلك الجرائم ومعاقبتهم، مثلما بدأت تفعل مؤخراً. فمنذ عام 2001، تمكن قسم الحقوق المدنية التابع لوزارة العدل من إدانة مرتكبي 166 جريمة من هذه الجرائم. وأستطيع القول إنني أعلم جيداً الجهود المقدرة التي يقوم بها مسؤولو هذا القسم، بحكم استهداف ثلاثة من مرتكبي هذه الجرائم لشخصي خلال المدة المذكورة. وفي حين تتعين الإشادة بأداء مسؤولي تنفيذ القانون المذكورين، فإنه ينبغي إثارة عدد من الأسئلة حول سلوك وزارة الخارجية الأميركية من المتهم الأخير الذي حوكم بسبب تهديده لي وزملائي في المعهد العربي الأميركي. فقد كان هذا المجرم المُدان، يعمل بوزارة الخارجية لمدة 25 عاماً، أمضى منها فترتي عمل دبلوماسي في لبنان! وكانت المكالمتان الهاتفيتان ورسائله الإلكترونية الأربع التي بعث بها إلى مكتبي، من العنف والتهديد والوعيد، إلى درجة يصعب عليَّ معها تكرار كل ما جاء فيها هنا كله. وكانت تلك الرسائل والمكالمات الهاتفية، قد صادفت أيام اشتداد الحرب الإسرائيلية-اللبنانية في صيف عام 2006. ومما يمكن إيراده جزئياً مما جاء فيها: "إن اللبناني الطيب الوحيد... هو اللبناني الميت"، و"العربي الطيب الوحيد... هو العربي الميت". ومضى صاحب الرسائل لوصفي وزملائي بأننا "أوغاد وأشرار". ودعا علينا جميعاً بـ"أن نحترق في نيران الجحيم إلى أبد الآبدين"، زاعماً أن "أميركا ستكون أكثر أمناً بدوننا". وكما نرى، فإن هذه الرسائل مُفزعة ومثيرة للقلق دون شك. إلا أن الأكثر إثارة للقلق والانزعاج بالنسبة لي، هو علمي من المحققين في القضية من مسؤولي سلطات تطبيق القانون، بأنه كان يعمل سابقاً بوزارة الخارجية. بل الأدهى من ذلك والأمرّ، أن وزارة الخارجية لم تفعل شيئاً لردع موظفها أو وقفه حتى بعد علمها من قبل المحققين بسلوكه الإجرامي الذي تحركه مشاعر الكراهية للآخر. وبدلاً من ذلك سمحت له بمواصلة عمله لمدة تسعة أشهر أخرى، إلى حين تقاعده بكامل حقوقه وامتيازاته التقاعدية! يشار ضمن هذه الحقائق المزعجة، إلى كشف المحققين وممثلي الاتهام أن الشخص نفسه أقدم على سلوك مشابه ومملوء بالكراهية للعرب ضد أفراد آخرين، منذ وقت مبكر من بدء عمله بوزارة الخارجية. والذي يجب قوله هنا إن موقف الوزارة السلبي إزاء السلوك الإجرامي المتعصِّب لأحد موظفيها ليس أمراً مقبولاً لأسباب كثيرة ليس أقلها ما يشكله هذا الموقف السلبي من استهانة بدور عدد كبير من موظفيها الأسوياء المخلصين لعملهم الدبلوماسي، الحريصين على صيانة سمعة بلادهم خارجياً وداخلياً، بما يجعلهم يكنُّون قدراً فائقاً من الاحترام للعالم العربي وشعوبه.