"طريق ثالث" لحل الصراع... وإسرائيل تضلل مواطنيها

ضرورة استمرار الهدنة، وإدارة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي بدلاً من حله، وحتمية المصالحة الفلسطينية، وأكاذيب الحكومة الإسرائيلية على الرأي العام... قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية.

"الحفاظ على وقف إطلاق النار":

بهذا العنوان استهلت صحيفة "هآرتس" افتتاحيتها ليوم أمس الثلاثاء متطرقة إلى اتفاق الهدنة الموقع بين إسرائيل وحركة "حماس" في قطاع غزة والمشاكل التي تواجهه وتهدد بنسفه. فالصحيفة ترى أن الهدف الأساسي من توقيع الهدنة والمتمثل في ضمان الأمن في "سديروت" ونواحيها لم يتحقق بعد، وهو ما دفع بعض الأصوات في الجيش الإسرائيلي إلى المطالبة بالرد على استمرار إطلاق صواريخ "القسام". لكن قبل الانجرار إلى ردة فعل عنيفة ضد قطاع غزة، أو إلغاء اتفاق الهدنة تعتبر الصحيفة أنه من الضروري التمييز بين الأهداف المتوخاة من الصفقة، وبين القدرة على تطبيقها في وقت وجيز. فعندما وقعت إسرائيل الاتفاق مع "حماس" وباقي الفصائل الفلسطينية كان المؤمل هو التزام تلك المجموعات الفلسطينية بوقف إطلاق الصواريخ وإرغام باقي المجموعات الصغيرة على احترام الاتفاق، وهو ما قامت به "حماس" في رأي الصحيفة، حيث أعلن مفتي غزة أن كل من يطلق صاروخاً هو "مجرم"، كما أوضحت القيادة أن الاستمرار في إطلاق الصواريخ على إسرائيل يضر بالمصالح الفلسطينية. ومع أن السلطات الإسرائيلية تنزع إلى إدارة ظهرها لما يجري داخل غزة باعتباره شأناً داخلياً، إلا أن الصحيفة تذكر بأن إسرائيل كانت على بينة بما يجري داخل غزة عندما وافقت على توقيع الهدنة، بل كانت تعرف أن الأمر سيستغرق بعض الوقت قبل أن تتمكن إسرائيل من وقف الصواريخ نهائياً.

"الطريق الثالث لحل الصراع":

يقترح الكاتب الإسرائيلي "شلومو أفنيري" في مقاله المنشور بصحيفة "هآرتس" يوم الجمعة الماضي طريقاً آخر يختلف عن ذلك المطروح حالياً لتسوية الصراع المزمن في الشرق الأوسط بين الفلسطينيين وإسرائيل. فبالنسبة للكاتب لم يعد الخيار محصوراً فقط بين الحرب، أو السلام، وبخاصة في ظل التعثر الواضح في المفاوضات الجارية حالياً بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. هذا التعثر الناتج ليس فقط عن ضعف الحكومتين معاً، بل بسبب تباعد المواقف حول القضايا الأساسية المرتبطة بالحدود والمستوطنات والقدس واللاجئين. ويختلف الكاتب مع تقييم البعض من أن الفشل في المفاوضات قد يؤدي إلى تجدد العنف، معتبراً أن ذلك ليس ضرورياً. فجزء من استعصاء النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي يرجع إلى طابعه المركب، حيث يختلط النزاع على الأرض مع عناصر أخرى مثل الصراع بين حركتين قوميتين وعلى مفهومي السيادة والشرعية، فضلاً عن تصادم الروايات التاريخية وما يتخلل ذلك من قضايا الاحتلال والإرهاب والبعد الديني. لكن الكاتب يشير إلى أن النزاع على استعصائه وتعدد أبعاده ليس الوحيد في العالم، بل هناك عناصر مشتركة مع صراعات أخرى في قبرص وكوسوفو والبوسنة وكشمير. فإذا كان المجتمع الدولي قد عجز عن حل تلك النزاعات التي عمرت لعقود وعرف كيف سيطر على الوضع ويمنع اندلاع العنف، فلماذا لا يقوم بالمثل في الشرق الأوسط ليتم التركيز على إدارة الصراع بدل حله وإبقائه تحت السيطرة، لا سيما في ظل انعدام الشروط الموضوعية المفضية إلى حل نهائي.



"المصالحة الفلسطينية":

خصصت "جيروزاليم بوست" افتتاحيتها ليوم الاثنين الماضي للحديث عن موضوع المصالحة الفلسطينية، حيث تتوقع الصحيفة قيام رئيس السلطة "محمود عباس" بمصالحة حركة "فتح" مع غريمتها "حماس" وتشكيل حكومة تكنوقراط مؤقتة، تمهيداً لتنظيم انتخابات مبكرة. وفي هذا الإطار جاءت زيارة "محمود عباس" إلى دمشق يومي الأحد والاثنين الماضيين لمناقشة آفاق هذه المصالحة مع الرئيس بشار الأسد. لكن لحد الآن رفض محمود عباس اللقاء بخالد مشعل، مدير المكتب السياسي لـ"حماس" في دمشق، مشترطاً عودة الحركة عن انقلابها على السلطة في قطاع غزة. ومن جانبها، تقول الصحيفة، إن "حماس" تريد من محمود عباس أن يقبل بنتائج الانتخابات التشريعية للعام 2006 التي أتت بها إلى السلطة ويأخذها بعين الاعتبار في مساعي المصالحة. هذه المصالحة التي ترى الصحيفة أنها آتية لا محالة رغم الاختلافات التي تباعد بين مواقف السلطة في رام الله، و"حماس" في قطاع غزة. فالطرفان معاً منقسمان حول دور "فتح" في منظمة التحرير الفلسطينية وما يحوم حولها من شبهة الفساد والتفرد باتخاذ القرار الفلسطيني، بالإضافة إلى الاختلاف في صياغة الأهداف الفلسطينية وسبل تحقيقها، لا سيما دور الإسلام في الصراع مع إسرائيل. لكن مع ذلك تقتضي مصلحة الطرفين التوافق والمصالحة، فمن جهة "تحتاج "فتح" إلى تعزيز شرعيتها المتآكلة برص صفوف الفلسطينيين وتوحيد المواقف مع "حماس"، كما أن هذه الأخيرة تحتاج من جهتها إلى المصالحة والوحدة للسيطرة على الضفة الغربية.

"الأكاذيب التي نصدقها":

كتب الصحفي الإسرائيلي "سيفر بلوكر" منتقداً حكومة "أولمرت" في مقال نشرته "يديعوت أحرنوت" يوم الخميس الماضي بسبب مجموعة الأكاذيب التي تنسجها الحكومة وتغذي بها الرأي العام الإسرائيلي. فقد تحولت إسرائيل في رأي الكاتب إلى "بيت العنكبوت" الذي سبق أن وصف به "حسن نصرالله" الدولة العبرية، والسبب ليس هشاشة الوضع الداخلي كما ادعى زعيم "حزب الله"، بل تلك الشبكة من الأكاذيب والادعاءات الزائفة التي تطلقها الدولة بغرض تضليل الرأي العام. ويبدأ الكاتب بما ادعته الحكومة من أن الدافع وراء حرب لبنان، التي يعتبرها حقاً لا تحتاج إلى تبرير بعدما خرق "حزب الله" حدود إسرائيل، هو استرجاع الجنود الذين تم خطفهم. والحقيقة أن الحكومة لجأت إلى هذا التبرير لتغطية ضعفها ولإسكات الشكوك المثارة في وجهها، رغم أن إسرائيل، حسب الكاتب، لم تكن في حاجة إلى تبرير لأن القانون الدولي يبيح لها الرد على الاعتداء. الكاتب يشير أيضا إلى صفقة تبادل الأسرى التي تمت مؤخراً مع "حزب الله" باعتبارها نموذجاً آخر على التضليل الذي تمارسه الحكومة، حيث حاولت ربط عملية تبادل المعتقلين ورفات الجنود مع "حزب الله" بالاستثناء الأخلاقي التي تخص به إسرائيل نفسها والمتمثل في عدم التخلي عن الجنود مهما كانت التكاليف، والحقيقة- يقول الكاتب- إن أي نظرة إلى الاستعدادات الجارية على قدم وساق في لبنان لاستقبال "سمير القنطار" والاحتفال برجوعه ينسف هذا الاستثناء ويقتلعه من جذوره.

إعداد: زهير الكساب