تعمل إحدى شركات المواد الغذائية، والتي اكتسبت سمعة في مجال صناعة المعجنات والجبن، حالياً على تطوير خط إنتاج جديد وغير مألوف لإضافة منتوج غذائي لذيذ وقاتل لديدان الأمعاء في آن واحد. المنتج الجديد لن يكون موجهاً للسوق الأميركية، وإنما يستهدف المناطق الريفية في آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، حيث تتسبب الديدان في إصابة ملايين الأطفال بالخمول، و"الأنيميا" أو النقص الحاد في الكريات الحمراء. المنتَج الغذائي الجديد مازال في مراحل التطوير الأولى، وتقول المتحدثة باسم الشركة إن هذه الأخيرة ليست مستعدة بعد للكشف عما إن كان المنتَج الجديد جبنة أو نوعاً من المعجنات أو قطعة حلوى أو شيئاً آخر... لكن الأكيد هو أنه يحتوي على مواد كيماوية قاتلة للديدان طورتها إحدى الشركات في ميلبورن بولاية فلوريدا الأميركية، ومعروفة بتخصصها في صنع مبيدات الحشرات غير المضرة بالإنسان. وفي هذا الإطار، يقول المدير التنفيذي لشركة "تايرا-تيك"، وهو "آر. دوغلاس آرمسترونغ"، إن هذه المبيدات الحشرية مستخرجة من زيوت نباتية، غير أنه يرفض الكشف عن اسم هذه النباتات، وإن شبه الفكرة بقدرة بعض الزيوت النباتية على طرد البعوض. ومن المعروف أن الزيوت تلتصق بمجسات الشم والجهاز العصبي المركزي الثلاث، والتي لا توجد لدى سوى اللافقريات. وعندما يتم تهييجها -يقول الدكتور آرمسترونغ- تُحدث هذه المجسات كماً كبيراً من النبضات في الأجهزة العصبية للحشرات والديدان، مما يتسبب في طردها أو قتلها. وقد شبه الدكتور "آرمسترونغ" تلك العملية بدق جرس الباب دون انقطاع إلى أن يصاب من في البيت بنوبة قلبية. ولأن الفقريات، ومنها الإنسان، لا تتوفر على هذه المجسات، فإن هذه الزيوت غير مؤذية. وقد تمت تجربة هذه الزيوت على الفئران، والتي تعد من الفقريات أيضاً. وبعد خمسة أيام من العلاج -تقول شركة "تايرا-تيك"- تخلصت الفئران المصابة من ديدان شريطة صغيرة. غير أنه لم يتم إجراء أي تجارب على الإنسان بعد، وبالتالي تقول الشركة المتخصصة في المواد الغذائية وهي "سارة ديليا"، فمن غير الواضح حتى الآن كيف سيكون طعم المنتَج الغذائي المقبل. إلا أن "آرمسترونغ" يقول إن أخلاطاً غذائيةً مختلفة يمكن أن تنجح، مضيفاً أنه يمكن إزالة الطعم، عبر إخفائه بنكهات الطعام أو تغليفه على غرار بعض الأدوية والعقاقير. ويضيف "آرمسترونغ" قائلاً إن قدرة هذه الزيوت النباتية على قتل ديدان الأمعاء اكتشفت بالصدفة. فقد كان "عصام عنان"، المتخصص في الكيمياء البيولوجية والذي يشغل اليوم منصب المسؤول العلمي في شركة "تايرا-تيك"، باحثاً من قبل في أمراض السرطان ويقوم بدراسة الزيوت في جامعة كاليفورنيا في ديفيس، الواقعة في منطقة "وادي ساكرامينتو" الحارة، حين حدث انقطاع مفاجئ في التيار الكهربائي. يقول آرمسترونغ: "وبسرعة، بدأت المختبرات الأخرى في الإغلاق من شدة الحر... وكانت قد فتحت نوافذها. غير أنه كان ثمة الكثير من الذباب والحشرات، وكان الجو من الحرارة بحيث لا يمكن إغلاق النوافذ". ويتابع قائلاً: "ولكن الملاحَظ هو أنه لم تكن ثمة حشرات في مختبر عصام"، مضيفاً أنه "بعد ذلك عثر عصام على بعض الذباب مقتولاً. وكانت تلك اللحظة التي بدأ فيها يقدر قدرة هذه الزيوت". بيد أن الدكتور "فرانك أو. ريتشاردز جونيور"، المتخصص في الطفيليات بمركز كارتر في أتلانتا، يقول إنه يجد فكرة منتَج غذائي قاتل للديدان "مثيرة للاهتمام، لكنها ليست مقنِعة بعد"، مضيفاً أنه يود رؤية الدليل على أنها فعالة بالنسبة للديدان الدائرية كذلك، والتي تختلف من حيث بنيتها عن الديدان الشريطية وتعد أكثر انتشاراً. كما يريد دليلاً على أنها تقتل الديدان بالفعل، وأنها لا تزعجها فقط وتحملها على الانتقال إلى أعضاء أخرى. وفي هذا السياق، يقول "إننا مهتمون دائماً بعقاقير جديدة لمحاربة الديدان لأنه لا يوجد الكثير من البحوث في هذا المجال"، مضيفاً: "لكن الكثير مما قيل في حاجة إلى مزيد من البحث والتقصي". من جهة أخرى، تقول "ديليا" إنه بالرغم من أن قتل ديدان الأمعاء مجال جديد بالنسبة لشركتها، إلا أن المصنع يقوم منذ مدة بإعادة تركيب بعض المنتجات الغذائية الموجهة إلى البلدان الفقيرة من أجل تحسين الصحة. فعلى سبيل المثال، تقول "ديليا"، فإن مشروب "تانج" الذي تبيعه في الأسواق الآسيوية والأميركية اللاتينية يتوفر على فتامينات إضافية. كما أن جبنة "إدن" التي تبيعها في الفلبين مدعومة بمادة "الإيودين". ومما يجدر بالذكر في هذا السياق أن نقص "الإيودين" هو السبب الرئيسي للتخلف العقلي، كما أنه يؤدي إلى قصر القامة وتورم الغدة الدرقية. دونالد جي. ماكنيل ــــــــــــ كاتب أميركي متخصص في الشؤون العلمية ـــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"