استضافة البطولات الرياضية لم تعد مجرد جهد محصور في الاتحادات أو الجهات الرياضية المتخصصة، بحكم أن الرياضة لم تعد وسيلة ترف أو تسلية فقط بعد أن تبلور ما يمكن تسميته باقتصاديات الرياضة، حيث تحوّل تنظيم البطولات إلى صناعة ضخمة ومصدر اقتصادي حيوي تجتهد الدول لاستثماره في جلب موارد إضافية، فضلاً عما ينطوي عليه تنظيم البطولات الدولية والقارية من منافع أخرى مباشرة وغير مباشرة، والكل يتابع كيف تستعد الصين للإطلال على العالم وتتأهب لاستعراض إنجازاتها التنموية وتقدمها التكنولوجي والاقتصادي والصناعي من خلال بوابة الألعاب الأولمبية 2008 التي تعتبرها بكين فرصة لتسويق صعودها التنموي الهائل. عندما سعت كوريا الجنوبية واليابان إلى استضافة كأس العالم لكرة القدم، اعتبر الاقتصاديون هذه البطولة طوق نجاه لإنقاذ الاقتصاد الياباني من المتاعب التي كان يعانيها وقتذاك؛ وبالإضافة إلى المكاسب الاقتصادية، فقد اعتبر الخبراء الألمان أن أكبر منافع "مونديال 2006" كانت الحملة الدعائية لألمانيا في العالم أجمع، مثلما كان أولمبياد ميونيخ عام 1972 سبباً مباشراً في تنمية المدينة المضيفة وتحوّلها من مدينة متوسطة الحجم إلى مركز اقتصادي كبير، وقفزت بسبب إقامة تلك الفعاليات فيها إلى حدود خمس عشرة سنة إلى الأمام بحسب الخبراء؛ بينما تشير التقارير إلى أن كأس الأمم الأوروبية المقررة 2008 الشهر المقبل، ستجلب لسويسرا، الدولة المضيفة، ما يقارب 1.4 مليون زائر، مما يعني بالتبعية انتعاشاً اقتصادياً متوقعاً في قطاعات السياحة والفندقة وتجارة التجزئة، كما يتمنى الخبراء أن يظهر المنتخب السويسري بمظهر طيب، وأن تسود الحماسة ذاتها التي رفعت الروح المعنوية في ألمانيا عام 2006، فالبطولات الرياضية إذاً فرصة لتسويق "هوية" الدول والترويج لنفسها كمكاسب غير مباشرة للاستضافة، كما تسهم في دعم الولاء والانتماء لدى مواطنيها عبر إشاعة روح الولاء والفخر والانتماء من خلال مشاركة فريق من البلد المضيف في هذه البطولة الدولية، فضلاً عن دعم ثقافة العمل التطوعي عبر مشاركة الشباب المتطوعين في تنفيذ خطط التنظيم والاستضافة. وعلى الخلفية السابقة يمكن فهم أهمية الإنجاز الذي حققته، بعد أن فاز ملف أبوظبي باستضافة بطولتي كأس العالم للأندية 2009 و2010؛ فعندما يقرر الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" إسناد بطولة عالمية كبيرة بحجم كأس العالم للأندية إلى الإمارات، فإن هذا الأمر يعكس ثقة غير محدودة سواء في القدرات التنظيمية والتخطيطية أو في جاهزية البنى التحتية لاستضافة حدث رياضي عالمي كهذا، خصوصاً أن هذه البطولة الوليدة، التي انطلقت للمرة الأولى في البرازيل عام 2000، تحظى باهتمام خاص من الاتحاد الدولي، وما يؤكد هذه الثقة أيضاً، أن التنظيم الإماراتي يأتي عقب دورات ناجحة للبطولة في اليابان، التي تحتل موقعاً عالمياً بارزاً في تنظيم البطولات بما تمتلكه من خبرات وإمكانيات وبنى تحتية وتقدم تقني هائل، ولعل ما عزز ثقة "الفيفا" أن الرياضة بصفة عامة، وكرة القدم بصفة خاصة تحظى بدعم رسمي رفيع المستوى في دولة الإمارات، كما أن هناك ولعاً شعبياً بهذه الرياضة التي حققت فيها الإمارات بطولات قارية وإقليمية عدة في السنوات الأخيرة، وهناك اهتمام جارف بمتابعة كرة القدم الأوروبية والعالمية، فضلاً عن نجاح الإمارات في تنظيم العديد من الأحداث الرياضية العالمية، وأبرزها كأس العالم للشباب تحت 20 سنة عام 2003، حيث أجمعت الآراء على أن القدرات التنظيمية والكفاءات الإدارية لدولة الإمارات قادرة على استضافة بطولات أكبر، مما دعا جوزيف بلاتر، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" إلى القول إنه يشعر بتفاؤل كبير بتنظيم بطولة قد تكون الأفضل والأنجح على مدار تاريخ مونديال الأندية، مشيراً إلى أنه يعرف تماماً تميز الإمارات في استضافة مثل هذه الأحداث العالمية. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية