اختصر الدكتور عبدالخالق عبدالله الكثير من الكلام حين حدد "اللوبي اللامبالي" الذين هم المعنيون أولاً وآخراً بكثير من التراجعات في قضايا وطنية مصيرية خطيرة، كخلل التركيبة السكانية، وتدني سقف الحرية. فأجندة المثقف تبدو خالية الوفاض، بل ومتهالكة من تعدد ما كان بها من هم وأوهام ضيعت عمره وأفنته في ما يجب أن يكون وحقيقة ما كان. وأزعم أن هذا "اللوبي" الذي عزز حضوره على ساحة الدولة، بتمدد غير مسبوق من خلال علاقاته وتركيزه على توظيف كل الموالين له، ليتمكن من إسباغ مصالحه على كافة المشاريع التي تستهدفها الدولة، وتشكو منها التركيبة السكانية. فالتجربة تقول إن سقف الحرية بدأ يضيق بدلاً من أن يذهب في اتساع وفق معطيات العصر. ومتطلبات الواقع، والحوار المعافى المترامي الوجهات، والهادف نحو مزيد من حرية رأي، والباحث عن حلول لأزمات الدولة وهمومها، لم يعد له مكان ليتنفس فيه ويجد من يصغي له. فالكاتب يغيب عندما تغيب الحرية ويغيب الاحترام لصوته وصداه. وقد حوّل هذا "اللوبي" المحترف العقل الصحفي إلى فعل قليل الحرية، حين يسوغ الاحتماء خلف أصحاب القرار والسلطة، ويحولهم إلى دروع تكفيه شر القتال، وتهتك بقوى الأسئلة والمجابهة. فقبل عدة سنوات، كانت الكتابة لها أجنحة ولها سماوات بلا عدد. كيف انعكس الأمر وتحولت السماء إلى الأرض والأرض بلا قرار مكين؟! وعندما تحدث حاكم دبي عن الحرية الممنوحة للكُتاب، لم يحدد مضامين أو يؤطر أفكاراً، لكن لأن اللوبي لا يحب هذه الحرية المدعومة من رئيس مجلس الوزراء، فكانت لهم وسائلهم في أن يكون السقف أقرب من الرأس والأنفاس على حد سواء. ويخطئ من يظن أن المطالبة بحرية الكتابة والأنفاس ترف لا نستحقه أو مطلب رفاهي "تفاهي" لا يعكس الواقع، إنه الانعكاس الحقيقي للنهضة الإماراتية المتكاملة، وإنه رأب التصدعات التي خلفتها سنوات القفزات الهائلة. مِمَ يخشى هذا اللوبي بعد كل هذه "العمارات" التي حصدها، وهذه الأرصدة التي تضاهي خزائن قارون؟ أم هو الخوف من فضيحة الانكشاف كما هو الحال مع كل من أثرى "فجأة" وجاء من يسأله "من أين لك هذا"؟ ليس الأمر في "الثراء"، بل في مكمن الأسرار، وفي هذا التناغم في أفعال تستهدف تقويض مشاريع وطنية بلا حد في مقابل مصالح حفنة من البشر تخلّو عن هذا المكان باقتدار وبقلة تدبير... وقراءة لمستقبل تصرفاتهم. الآن... والآن بالذات، نحتاج إلى وقفة وطنية في وجه هذا التيار الكاسح الذي أعلن "البيع" لكل شيء. ونعلن نحن أهل المكان رفضنا المؤثر والصارخ لكل ما يمس هذا الوطن.