كشف التقرير السنوي لوزارة العمل الذي صدر مؤخراً بعنوان "حماية حقوق العمال بدولة الإمارات العربية المتحدة"، عن جملة من الحقائق المهمة فيما يتعلق بوضع العمالة في الدولة. منها أن الحكومة فرضت العام الماضي على منشآت سداد 52 مليون دولار "نحو 191 مليون درهم" عبارة عن رواتب غير مدفوعة لمستحقيها من العمال، ومنها قيام وزارة العمل بوقف منح تراخيص لأصحاب 1300 منشأة لم يلتزموا بدفع أجور عمالها، ومنها كذلك قرار الوزارة بعدم منح تراخيص عمل جماعية "25 عاملاً أو أكثر" ما لم يظهر صاحب العمل التزاماً ملموساً بتوفير سكن ملائم للعمال. هذا الجانب الذي ورد بالتقرير، والذي يمثل غيضا من فيض، كما يقولون، يعكس حرص الدولة على حماية حقوق العمالة وتوفير البيئة المناسبة للعمل، اتساقاً مع التشريعات الوطنية والدولية المقررة في هذا المجال. ومما لاشك فيه أن ما جاء في التقرير يبين الجهود المتواصلة التي تبذلها الدولة لتطوير وضع العمالة باتجاه توفير أفضل بيئة عمل ممكنة تتيح الحماية الكاملة للعمال وصيانة حقوقهم. وفي الواقع، فإن ثمة العديد من الخطوات التي تترجم بشكل واضح حرص الإمارات على حماية حقوق العمالة الوافدة، والتي قدر التقرير تعدادها بنحو ثلاثة ملايين و113 ألفا يعملون لدى نحو 260 ألف شركة عاملة في الدولة: أولها، إنشاء لجنة منازعات العمل الجماعية في كل دائرة من دوائر العمل بحيث تضم ممثلين للعمال وأصحاب العمل، ويتعين على اللجنة أن تتوصل إلى قرار خلال أسبوعين من تاريخ إحالة النزاع أو الشكوى إليها. ويجوز لكل الأطراف الطعن في قرارات اللجنة أمام محكمة الاستئناف خلال 30 يوماً. ثانيها، سماح مجلس الوزراء رسمياً للعمال بالانتقال بين كل قطاعات العمل لتسهيل الحركة في سوق العمل. ثالثها، استحداث أبوظبي بوليصة تأمين شامل وإجباري تغطي كل العمال بمن فيهم عمال المنازل على نفقة الكفلاء، ونظام التأمين الصحي الذي طبق في أبوظبي سيعمم في جميع أنحاء البلاد في العام المقبل. رابعها، تعيين ما لا يقل عن 2000 مفتش جديد لمواكبة النمو المتسارع في قطاع التشييد والتنمية العمرانية لمراقبة تطبيق القوانين ذات الصلة بظروف العمل والسكن. خامسها، تشكيل محاكم اتحادية جديدة للعمل لتفصل سريعاً في نزاعات العمل. وهذه المحاكم باشرت عملها في أبوظبي ودبي وستعمم أنظمة مماثلة في كل أنحاء الدولة. سادسها، اعتباراً من شهر يناير المقبل، سيتم تشغيل نظام سداد الأجور إلكترونياً للتأكد من دفعها، وستفرض غرامات على الشركات التي تتقاعس عن ذلك فضلا عن تخفيض تصنيفها وإيقاف نشاطها. ومما لاشك فيه أن هذا التقرير الذي صيغ بموضوعية وحرفية في الوقت نفسه، يكشف حقيقة الجهود التي تبذلها الدولة لحماية العمالة الوافدة على أراضيها، وهو يمثل مستنداً أساسياً للرد على أي انتقادات قد توجه إلى الدولة بخصوص هذا الملف، الذي استغل في مناسبات كثيرة من قبل جهات بعينها في محاولة للنيل من صورة الدولة خارجياً. ومن هنا، فإن من الضروري تسليط الضوء إعلامياً على الجهود المبذولة في هذا الإطار والتعريف بها على أوسع نطاق ممكن، لكي يعرف الجميع الجهود التي تبذلها الإمارات لحماية العمالة، بعيداً عن أي معلومات مغلوطة قد يتم ترويجها. إن حماية دولتنا لحقوق العمالة الوافدة، وكما أكد التقرير عن حق، مسألة أخلاقية ومصلحة اقتصادية في آن واحد، فالقوانين ذات الصلة بحقوق العمالة وإنفاذها ليست أمراً حتمياً لاعتبارات إنسانية فحسب، وإنما أيضاً ضرورة مطلقة يقتضيها النجاح المتواصل لعملية التنمية على الأصعدة كافة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة"الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.