يُقال إن الجنرال "بارك" كان يريد لـ"هونداي" الشركة الكورية الجنوبية، أن تتوسع في الشرق الأوسط بصورة أكبر مما فعلته، غير أن شقيق مؤسس هونداي "تشونغ" وشريكه "إن يونغ" كانا معترضين خوفاً من تكرار خسارة تعرضت لها الشركة في إندونيسيا بقيمة 50 مليون دولار، وهو ما دفع الأخ إلى إخراج شقيقه المؤسس من الشركة التي تم اقتسامها لاحقاً بين الأبناء من الجيل الثاني، وتعرضت مؤخراً لمأساة تراجيدية هي إقدام الابن السادس على الانتحار لدوره في دفع 500 مليون دولار إلى نظام "بيونج يانج" كرشوة من أجل عقد مفاوضات مع زعماء سيئول. تأسست "دايوو" على يد "كيم وو تشونغ" المولود عام 1936 في مدينة "تايغو"، وكانت بداية انخراطه في البزنس من خلال الاتجار بالأقمشة والمنسوجات، حيث يُقال إنه ابتاع في إحدى رحلاته إلى "هونغ كونغ" نوعاً من الأقمشة، وأثناء توقفه في سنغافورة، عرض القماش على بعض التجار على اعتبار أنه منتج كوري، فما كان منهم إلا أن استحسنوا جودته ومنحوا "كيم" عقد توريد بقيمة 300 ألف دولار، وهذا ما شجع "كيم" على العودة إلى بلاده فوراً ومحاولة تقليد القماش "الهونغ كونغي" بهدف تحضير الطلبية المتفق عليها. وفي سن الثلاثين استطاع "كيم" بذكائه ونجاحه أن يحصل على ثقة بعض المصارف ورجال الأعمال المحليين الذين أقرضوه 5000 دولار أنشأ بها في عام 1967 شركة برأسمال إجمالي بلغ 18000 دولار تحت اسم "دايوو" الذي يعني بالكورية "الكون العظيم". في العام الأول لانطلاقة "دايوو"، استطاعت الشركة أن تصدر ما قيمته 580 ألف دولار من الأقمشة، وفي العام التالي نجحت في افتتاح أول مصنع ضخم حديث للنسيج في "بوسان". ولم يحل عام 1970 إلا وصادرات "دايوو" من النسيج تفوق ما قيمته ثمانية ملايين دولار. أما المؤسس "كيم"، فقد توقع بخبرته أن أميركا مقدمة قريباً على فرض كوتا تصديرية على بلاده في مجال النسيج، فاستبق الحدث بتصدير أقصى ما يمكن قبل عام 1972 الذي أعلنت فيه "الكوتا" المذكورة، والتي كان نصيب "دايوو" منها ثلث إجمالي صادرات كوريا الجنوبية من النسيج إلى أميركا. بالأرباح المتحصلة من النمو والتوسع السابق ذكره، بدأت "دايوو"، تتملك مجموعات صناعية وتجارية أخرى. وهكذا لم يأت عام 1975 إلا وهي تملك 23 شركة في 110 دول بعدد موظفين بلغ 350 ألفاً وبمبيعات سنوية إجمالية تجاوزت 250 مليون دولار. كل هذا لفت نظر رجل البلاد القوي الجنرال "بارك" الذي شجع "كيم" على دخول ميدان الصناعات الثقيلة، فاشترت "دايوو" شركة "هانكوك" التي كان اليابانيون قد أسسوها لخوض ميدان صناعة الغواصات، كما فعلت "دايوو" علاقات سابقة لها مع جنرال موتورز من أجل التصنيع المشترك للمركبات من نوع لم يلاق النجاح المطلوب. هذا ناهيك عن استجابة "دايوو" لطلب الرئيس "بارك" بشراء مجموعة متعثرة، كانت قد أكملت نحو ربع مشروع لبناء حوض كبير للسفن. الحال، أنه خلال أقل من أربعة عقود، تحول تاجر الأقمشة البسيط إلى نموذج لتايكونات المال والأعمال الآسيويين الذين يعملون لأكثر من 100 ساعة في الأسبوع، ولا ينامون أكثر من أربع ساعات كل ليلة. لكن رغم كل هذا الحرص والإتقان، تعرضت "دايوو" في نهاية المطاف إلى الإفلاس- وإنْ عملت الدولة على المحافظة على بعض فروعها مثل الفرع الخاص بإنتاج السلع الكهربائية- كنتيجة لإعطاء التوسع من أجل تغطية الخسائر أهمية أكبر من الربحية. أما شركة "إل. جي"، ففي عام 2000 ظهر تقرير من قبل مفوضية المراقبة المالية لحكومة سيئول، يقول إن ديون هذه الشركة، قد وصلت إلى نحو 39 بليون دولار، ومع هذا قررت الشركة أن تستثمر 5.4 بليون دولار في صناعة الاتصالات، وسمحت الحكومة لها بذلك من منطلق أن تلك الصناعة هي صناعة العصر وتزداد أسواقها يوماً بعد يوم. كان هذا حال الشركة التي أسسها "كو إن هوا" عام 1947 تحت اسم "لاكي غولد ستار"، لإنتاج بعض السلع الاستهلاكية البسيطة، وذلك قبل أن تنطلق وتصبح "الجيبول" الأكبر في كوريا الجنوبية، لبعض الوقت في السبعينات لجهة حجم المبيعات، أي حينما قررت دخول ميدان إنتاج السلع الكهربائية المنزلية، وقبل أن تصبح في المركز الثالث خلف شركتي "سامسونغ" و"هونداي"، رغم أن ما هي منخرطة فيه اليوم يجلب لها عوائد سنوية تفوق ستين بليون دولار. حوّل "كو إن هوا" المؤسس شركته إلى ابنه "كو تشا كيونغ"، وفي عام 1995 حول الأخير الإدارة والملكية إلى ابنه "كو بون مو"، الذي اشترت "ال. جي" في عهده شركة "زينيت" الأميركية الشهيرة في صناعة التلفاز، والذي أيضاً تخلت الشركة في عهده عن اسمها القديم لصالح اسم "ال. جي". أما "سانغ يونغ"، التي يعني اسمها "التنين المزدوج" فتعتبر "الجيبول السادس" من حيث الحجم والنفوذ في كوريا الجنوبية، وهي بدأت نشاطها عام 1939 كشركة لإنتاج الأقمشة على يد مؤسسها "كيم سونغ كون"، وذلك قبل أن تجعل من إنتاج الإسمنت ميداناً رئيسياً لنشاطها ابتداء من الستينات حينما صار الإسمنت سلعة استراتيجية لخطط النمو والصعود الكورية. غير أن الشركة مثل غيرها وتحت ضغط الخوف من الخسائر وضرورة توزيع المخاطر، استثمرت في الوقت نفسه في صناعات أخرى، فتمددت مثلاً إلى صناعة تكرير النفط والإنشاءات والخدمات المالية، بل تمددت بالاشتراك مع الألمان إلى صناعة المركبات التي خسرت فيها خسائر كبيرة في بادئ الأمر، في الوقت الذي كانت مصانع المركبات الكورية الأخرى تحقق الأرباح. وفي محاولة منها لتقليل الخسائر، حاولت "سانغ يونغ" تسريح الآلاف من عمالها، غير أن قوانين العمل الكورية إضافة إلى قوة النقابات العمالية وقفتا حائلاً. ويعتبر عام 1975 عاماً مفصلياً في تاريخ الشركة، حيث توفي فيه مؤسسها، وآلت القيادة من الأخير إلى ابنه الشاب "سون كيم سوك" الذي برهن على مهارات قيادية غير اعتيادية، ربما بسبب تخصصه العالي في الاقتصاد من الجامعات الأميركية، أو ربما بسبب خبراته الميدانية العسكرية المتأتية من تطوعه للخدمة في الحرب الفيتنامية في الستينات. وكان القرار الأول للرئيس الجديد، هو التمدد الأفقي من خلال التكامل مع الشركات العاملة في التغليف وتكرير النفط وخدمات النقل وتوزيع الإسمنت. إلى ذلك كان هناك قراره الخاص بالاستثمار في مجالات غير مسبوقة مثل سياحة المنتجعات الشتوية والتزلج على الجليد، ومجالات المتعة والترفيه الجاذبة لأبناء الطبقة الوسطى المتعاظمة. من الأمور الأخرى الجديرة بالذكر عن "سانغ يونغ"، أنها في الوقت الذي كانت فيه نظيراتها الكوريات تتنافس للحصول على عقود من دول الشرق الأوسط، كانت هي تنشط في منطقة جنوب شرق آسيا، الأمر الذي ساعدها في الحصول على عقد ضخم بقيمة 400 مليون دولار من سنغافورة لبناء مجمع سكني. وكزميلاتها تعرضت "سانغ يونغ" إلى هزة بسبب الأزمة النقدية الآسيوية في عام 1997، وهو ما زاد من مشاكلها وأجبرها على تصفية العديد من أنشطتها. وفي يناير 2001 وصفت إحدى مجلات البزنس المتخصصة شركة "سانغ يونغ" بأنها الأسوأ لجهة الإدارة، وأنه لولا المساعدات الحكومية لانهارت منذ زمن، بل أضافت أن قطاع إنتاج الإسمنت فيها قطاع خاسر لا يجدر الاحتفاظ به. ورغم عدم ثبوت هذه الاتهامات، فإن "كيم سوك" قرر الاستقالة من منصبه والابتعاد.