يحظى "مؤتمر أبوظبي الدولي للشيخوخة"، والذي افتتح أمس الثلاثاء وتستكمل فعالياته اليوم، برئاسة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيس "منظمة المرأة العربية"، بأهمية خاصة. فقد صاحب التحسّن المطرد في الرعاية الصحية في العالم ازدياد نسبة المسنين في الكثير من المجتمعات ويتوقع الخبراء أن يكون 20% من سكان العالم عام 2030 من المسنين فوق 65 عاماً. ومن ناحية أخرى، فقد جسّد هذا المؤتمر الاهتمام الخاص الذي توليه دولة الإمارات لرعاية المسنين، وذلك رغم أن هذه الشريحة لا تمثل مشكلة للدولة، فنسبتها نحو 5%، فيما تتراوح هذه النسبة في الوقت الراهن بين 20 و25% في الدول الأوروبية والولايات المتحدة. وفي الواقع، فإن هذا الاهتمام الذي توليه الدولة لشريحة المسنين يندرج في سياق الرعاية المتكاملة التي تقدّمها الدولة للفئات والشرائح الاجتماعية كافة، بما يحقق الرفاهية للمواطنين كافة، وثمة مؤشرات عدة تعكس هذه الرعاية، منها كمّ ونوعية الخدمات التي تقدّمها الدولة للمواطنين والمقيمين، وحرصها الدائم على تطوير هذه الخدمات. وفي هذا الصدد فقد شهدت مجالات الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية طفرة كبيرة خلال السنوات الماضية. ولا شك في أن هذه السياسات الخاصة برعاية الإنسان وتوفير الحياة الكريمة له مبنية على حقيقة أن المواطن هو الهدف الأسمى لعملية التنمية في الإمارات، كما هو الواقع في الدول المتقدّمة. وتلك الحقيقة تؤكدها دائماً تصريحات وتوجّهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله ورعاه. وإذا كانت الدولة تبذل جهوداً حثيثة ومتواصلة لرعاية مواطنيها، وتقديم أفضل الخدمات الممكنة لهم، انطلاقاً من هذه الأولوية المطلقة لقيمة الإنسان، فإن رعاية المسنين، بشكل خاص، تجسد التوجّهات الإنسانية للسياسات العامة التي تطبقها الحكومة، وثمة أشكال مختلفة لهذه الرعاية من بينها توفير المعالجة الطبية المناسبة لهذه الشريحة في مستشفيات الدولة عند الحاجة، وتوفير دور متخصصة لرعاية مَنْ فقدوا أسرهم. ولا شك في أن المؤتمر الذي طرح حزمة من الأفكار المهمّة حول آليات تحسين الرعاية الاجتماعية المقدّمة لكبار السن، يشكّل حدثاً مهمّاً على صعيد تطوير السياسات الخاصة برعاية المسنين في الإمارات، وعلى صعد أخرى متعددة، ذلك أن مجال رعاية هذه الفئة الاجتماعية يعد من المجالات المستحدثة في الأجندة الوطنية للدولة، حيث إن التغيّرات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة والتي نجمت عن الطفرة التنموية غير المسبوقة، جعلت الدولة تضع أطراً وتنظيمات لهذا المجال، من أجل تلبية احتياجات هذه الشريحة الخاصة من شرائح المجتمع، وهذه الأطر بحاجة إلى مزيد من الأفكار لتدعيم الدور الذي تقوم به. وفي السياق نفسه، فإن استضافة الإمارات لفعاليات هذا المؤتمر رغم أنها لا تعاني مشكلة المسنين، كما سلفت الإشارة، يمثل مبادرة إنسانية راقية تدعم من الوجه الإنساني لشخصيتنا الوطنية على الصعيدين الإقليمي والدولي. وفضلاً عن هذا كله، فإن المؤتمر يمثل رسالة شكر وعرفان لفئة اجتماعية قامت بدور بارز في نهضة المجتمع، وتكريس لقيمة الوفاء، وفي هذا كله تكريس لقيم إنسانية رائعة وتذكير للأجيال الجديدة بما قدّمته هذه الشريحة المجتمعية من خدمات جليلة لتطوير القطاعات التنموية كافة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.