الحصار يعزز شعبية "حماس"... ودعوة لتجميد المسار السوري

زيارة جيمي كارتر إلى المنطقة، وحتمية التفاوض مع "حماس" لإنهاء الصراع، ومصلحة إسرائيل في تجميد المسار السوري، ثم صعود بيرلسكوني في إيطاليا وتقارب مرتقب مع الدولة العبرية... قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية.

"اعتذاريو حماس":

بهذا العنوان استهلت صحيفة "جيروزاليم بوست" افتتاحيتها ليوم الاثنين الماضي منتقدة الزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي الأسبق، جيمي كارتر، إلى المنطقة وشملت إسرائيل والأراضي الفلسطينية ومصر وسوريا والأردن وجمعته مع قيادة "حماس". الصحيفة تلخص ما خرج به كارتر من زيارته، وهي أن العرب مستعدون للسلام والمشكلة في إسرائيل، هذه الخلاصة تعتبرها الصحيفة بعيدة عن تجارب التاريخ، لأن إسرائيل وقعت اتفاقية السلام مع مصر وبرعاية كارتر نفسه عندما لمست، كما تقول، استعداداً حقيقياً من الرئيس السادات لقبول السلام، فكانت النتيجة انسحاب إسرائيل من سيناء. والأمر نفسه ينطبق على الأردن التي تقول الصحيفة إن السلام معها تحقق بعد مائة يوم فقط بعد أن مد الملك الحسين بن عبدالله يده إلى "إسحاق رابين". ومع أن الصحيفة تشير إلى ما قاله كارتر عن التدابير الإسرائيلية التي تحول دون تحقيق السلام، مثل تكثيف الاستيطان في الضفة الغربية وإقامة الحواجز الأمنية التي تعيق حركة الفلسطينيين وتحويل قطاع غزة إلى سجن كبير، إلا أنها ترد على كارتر بأنه ينسى أن الضفة الغربية هي "يهودا والسامرة" بالنسبة لليهود، وبأن الحواجز تمنع تسلل الإرهاب. هذه الأمور تقول الصحيفة لم ترد على لسان كارتر الذي ركز، من وجهة نظرها، على حقوق الفلسطينيين فقط. والواضح أن الصحيفة لم تقتنع بموافقة "حماس" على توقيع سلام مع إسرائيل وطرحه في استفتاء على الشعب الفلسطيني، لأن ذلك في نظرها لا يقوي سوى الطرف الفلسطيني المتشدد على حساب أبومازن الأكثر اعتدالاً.

"حتمية الحديث إلى حماس":

في مقاله المنشور على صفحات "هآرتس" يوم الاثنين الماضي تطرق الصحفي الإسرائيلي "جدعون ليفي" إلى الحرب العبثية التي يخوضها الطرفان على جانبي الحدود في غزة، وهي الحرب المشتعلة على ساحة اليأس المسيطر على الجميع. فـ"حماس" تقاتل ضد الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة، ما يدفعها إلى تنفيذ عمليات تنتهي بمقتل جنود إسرائيليين على الحدود، فيما يرد الجيش الإسرائيلي بقتل الفلسطينيين انتقاماً للجنود الذين سقطوا. ويقول الكاتب إنه يكفي سماع ما أدلى به قائد وحدة الجيش الإسرائيلي على الحدود مع غزة بعدما سقط ثلاثة من رجاله، حيث أمر جنوده بقتل أكبر عدد من الفلسطينيين واستهداف المنطقة التي أتى منها منفذو العملية، لإدراك مدى الاختلاف بين الجانبين وخطورة تدهور الوضع الأمني. هذه الحلقة المفرغة التي تدور فيها "حماس" والجيش الإسرائيلي لن تؤدي إلى حل، فقد فشلت إسرائيل في استخدام ورقة التخويف من "حماس" بعدما بالغت في تصوير خطرها وقدرتها على التسليح والتدريب. كما أخفقت إسرائيل، يقول الكاتب، في تركيع "حماس" باللجوء إلى الحصار لأن التجارب السابقة تشير إلى أنه كلما تم الضغط على الفلسطينيين واستهدفوا في قوتهم اليومي عبر التجويع وقطع الوقود، ازدادوا التفافاً حول قيادة "حماس"، وهو الأمر نفسه الذي ينسحب على إسرائيل. فكلما تعرضت لهجمات إرهابية وسقط جنودها، مال الإسرائيليون إلى "اليمين" وزاد تشددهم. لذا لا يرى الكاتب مفراً من الجلوس إلى طاولة واحدة تضم كلا من "حماس" وإسرائيل، ملمحاً إلى الفرصة التي توفرها زيارة الرئيس الأميركي الأسبق "جيمي كارتر" إلى المنطقة.



"لا تستعجلوا الطريق إلى دمشق":

هذه هي الخلاصة التي خرج بها السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة "زلمان شوفال"، معتبراً أن الأصوات التي تتصاعد في إسرائيل حالياً سواء من داخل النخب السياسية، أو من خارجها والمطالبة بتفعيل المسار السوري لا تقرأ الوضع الجيوسياسي في المنطقة على نحو جيد. فإلى جانب التحفظ الأميركي حيال التفاوض مع سوريا، لا سيما في ظل الإدارة الحالية التي تسعى إلى عزل سوريا، هناك أيضاً مصالح إسرائيلية لن تتحقق بفتح الحوار مع دمشق. فالهدف الذي تسعى إليه واشنطن وتل أبيب هو تحييد سوريا عن الصراع من خلال حثها على قطع علاقاتها مع إيران، لكن السفير السابق لا يرى أن ذلك متاحاً في المرحلة الراهنة. فطبيعة النظام السوري وانتمائه إلى الأقلية العلوية يجعل علاقاته مع إيران ضمانة له ضد الخطر الذي قد تشكله الأغلبية السُنية على النظام. والأكثر من ذلك لا يرى "شوفال" أن سوريا مستعدة للتخلي عن ورقة "حزب الله" في لبنان، لا سيما في ظل الحديث عن حرب مقبلة تهدد المنطقة. ويخلص السفير السابق إلى أنه ليس من مصلحة إسرائيل الافتراق في هذه اللحظة عن المصالح الأميركية التي تقتضي عزل سوريا واستمرار فرض العقوبات الاقتصادية عليها.



"هنيئاً بيرلسكوني":

خصصت صحيفة "جيروزاليم بوست" افتتاحيتها ليوم الخميس الماضي للحديث عن الانتخابات البرلمانية التي شهدتها إيطاليا في الأسبوع الماضي وانتهت بعودة بيرلسكوني مجدداً إلى السلطة. وبعد أن استعرضت الصحيفة التحولات الداخلية التي ستشهدها الساحة السياسية الإيطالية نتيجة صعود "وسط اليمين"، وخروج الأحزاب "اليسارية" الصغيرة من اللعبة السياسية، وإشارتها إلى المشاكل الاقتصادية التي تتخبط فيها البلاد انتقلت إلى توضيح العلاقة بين صعود بيرلسكوني إلى منصب رئيس الحكومة وبين إسرائيل. فالصحيفة تترقب مع هذا الواقع السياسي الجديد أن تميل أكثر إلى الغرب وتدعم مواقف حلف شمال الأطلسي، بالإضافة إلى تأييد سياسة إسرائيل أكثر مما كانت تقوم به الحكومة السابقة في عهد رومانو برودي. وفي هذا الإطار تقول الصحيفة إن مغادرة وزير الخارجية السابق "ماسيمو داليما" الذي وصف إسرائيل مرة بأنها "دولة إرهابية" هو أمر غير مأسوف عليه. وتتوقع الصحيفة أيضاً أن يعود الدفء مجدداً إلى العلاقات الإيطالية الإسرائيلية وتتعمق أكثر بعدما صرح بيرلسكوني بأن أول زيارة دولة سيقوم بها ستكون إلى إسرائيل للمشاركة في الاحتفال بمرور ستين عاماً على قيام الدولة اليهودية، ولمساندة ما يسميه هو "بالدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط". ولم تنس الصحيفة الإشارة إلى الحملة التي تزعمتها حكومته السابقة في الاتحاد الأوروبي لإدراج "حماس" في قائمة المنظمات الإرهابية. هذه الأجواء الإيجابية التي تخيم على روما تدعو الصحيفة المسؤولين إلى الاستفادة منها لدعم كسب المزيد من الأصدقاء في العالم ودعم سياستها الخارجية.



إعداد: زهير الكساب