صحيفة جديدة تعني بالضرورة رئة جديدة يتنفّس من خلالها المجتمع.. وزخماً نوعياً للتطوّر الإعلامي الذي تشهده الدولة، بما يمنح هذا التطوّر قوة دفع جديدة كي يواكب نظيره الحادث في بقية قطاعات التنمية، ولذا فإن صدور العدد الأول من صحيفة "ذا ناشيونال" في أبوظبي، أمس، يؤكد أننا على أبواب مرحلة جديدة من العمل الإعلامي الاحترافي، ويؤكد أيضاً أن نافذة جديدة فتحت ليرى العالم من خلالها ما يحدث من إنجازات تنموية هائلة على أرض الدولة. صدور "ذا ناشيونال" بما تستند إليه من كوادر إعلامية محترفة، ودعم كبير، يمثّل خطوة اختراقية نحو إرساء معايير الصحافة المهنية الاحترافية، وتكريس ثقافة الحوار والنقاش في قالب منتج إعلامي يعكس التطوّر الذي وصلت إليه دولة الإمارات، ويفتح قنوات التواصل والاتصال مع الآخر، بما يسهم بجديّة في نشر الصورة الحقيقية عن قيم التسامح والتعايش المتجذرة في دولة الإمارات. الصراحة والشفافية ونقد الذات وتكريس ثقافة المحاسبة والمساءلة هي أدوات حتميّة نحتاجها بشدّة للحفاظ على مكتسبات مسيرة التنمية بشكل عام؛ والإعلام الاحترافي القائم على الحقائق المترفع عن المهاترات والصراعات بات ضرورة حتميّة لتطوير مسيرة العمل الصحفي في الدولة، فالإعلام المتطوّر شريك أساسي في خطط التنمية، والمرحلة المقبلة تتطلّب إعلاماً يستوعب ما يدور حوله من قفزات في مختلف القطاعات، ويناقش ما يدور حوله داخلياً وخارجياً بروح مغايرة لما هو سائد، انطلاقاً من أن الممارسات الصحفية الاحترافية غائبة أو مغيّبة في معظم الأحوال عن كثير من صحفنا المحلية لاعتبارات وأسباب لم تزل محور نقاش، ومثار جدل وخلاف بين المتخصّصين والخبراء على حدّ سواء. الإعلام بشكل عام، والصحافة بشكل خاص هي مرآة المجتمع في جميع أحواله، وفي الإمارات، كان واضحاً أن صحافتنا بحاجة إلى قفزة نوعية إلى الأمام كي تتخلّص من مثالبها، وتلحق بالتطوّر الحادث في بقية قطاعات التنمية، وكي تستطيع تقديم صورة حقيقية للمجتمع الإماراتي؛ إذ لا يخفى على أحد أن دولة الإمارات باتت في بؤرة اهتمام الإعلام العالمي، وهذا الاهتمام يجد صداه في كم هائل من التغطيات الإعلامية والتقارير الصحفية التي ركّزت في الآونة الأخيرة على ما يحدث في الإمارات من إنجازات متلاحقة، ومن هنا يتضح أهمية وجود "ذا ناشيونال" كجسر لتقريب المسافات والتعرّف إلى المعلومات من مصادر دقيقة. "ذا ناشيونال" تعني أيضاً قيماً وتقاليد صحفية جديدة تضيف ثراءً نوعياً للعمل الصحفي في مؤسساتنا الإعلامية التي يحتاج معظمها إلى تكريس المعايير المهنية في الأداء في ظلّ تفشي ما يعرف بصحافة "الفاكس" وبيانات العلاقات العامة وغير ذلك من الممارسات السلبية التي تحول دون تطوّر العمل الصحفي وارتقائه إلى المستويات التنافسية المنشودة، التي تتطلّب وجود صحافة التحرّي والبحث عن الحقائق والاهتمام بمصالح المجتمع، والحرص على دقّة المعلومات بالشكل الذي يكرّس أخلاقيات العمل المهني وبالصورة التي تسمح للجمهور في الداخل والخارج بفهم الوقائع والأحداث بشكل موضوعي. في المجمل، يمكن فهم ظهور إصدار صحفي بالثقل النوعي لـ"ذا ناشيونال" باعتباره لبنة إضافية في قوة الدولة ومكانتها في ظلّ تنامي الدور الذي يضطلع به الإعلام في عصر "القرية الإلكترونية الصغيرة" من تشكيل مواقف الرأي العام الداخلي والخارجي، والتأثير في الاتجاهات وبناء القناعات ورسم الصور النمطية أو الذهنية للدول والشعوب تجاه مختلف القضايا والموضوعات، بعد أن بات الإعلام بالفعل أداة من أدوات الدبلوماسية وركيزة لما يعرف بالقوة الناعمة للدول، حيث إن أحد أبرز المداخل لتعزيز هذه القوة هو الاستثمار في البشر والثقافة والتعليم والإعلام التنافسي. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية