يعكس لقاء صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، مؤخراً، مع الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، وزير الداخلية، رئيس ''لجنة التركيبة السكانية''، والقرارات والمرئيات التي انتهى إليها، الجديّة الكبيرة على مستوى القيادة في التعامل مع خلل التركيبة، وكيف أن هذا الموضوع يقع في بؤرة اهتمام الدولة وتركيزها، وتكفي الإشارة في هذا السياق إلى دلالتين مهمّتين للقاء تكشفان عن هذا المعنى بوضوح· الدلالة الأولى هي أن الأمر لا يتوقف فقط عند إنشاء اللجان أو وضع الخطط الهادفة إلى معالجة خلل التركيبة السكانية، وإنما يمتدّ إلى متابعة ما يتم إنجازه على أرض الواقع، والتعرّف إلى الإجراءات التنفيذية التي تترجم الخطط والاستراتيجيات إلى سياسات لها مردودها ونتائجها الملموسة، ولاشكّ في أن إعطاء صاحب السمو نائب رئيس الدولة الضوء الأخضر لتنفيذ 66 مبادرة تهدف إلى تحسين واقع التركيبة السكانية في قطاعات مختارة، يشير إلى أن لجنة التركيبة تسير وفق منهج علمي مدروس، وتصوغ تحرّكاتها في ضوء مردود سياساتها في القطاعات المختلفة، وهذا يتيح لها المراجعة والتعديل والتطوير المستمر لهذه السياسات بما يمكّنها من التجاوب بكفاءة مع المتغيّرات الخاصة بالقضية، وهي متغيّرات كثيرة ومتسارعة بشكل كبير· الدلالة الثانية تتعلّق بأمر صاحب السمو نائب رئيس الدولة بإنشاء هيئة وطنية دائمة لمتابعة ملف التركيبة السكانية· وهذا يعني أن اهتمام الدولة بهذا الملف ليس وقتياً أو طارئاً وإنما هو نهج مستمر يقع ضمن صلب رؤية القيادة لاستراتيجية الأمن القومي لدولة الإمارات العربية المتحدة ومصادر تهديد هذا الأمن وسبل مواجهتها والتغلّب عليها، ويعتبر الخلل في التركيبة السكانية أحد أهم هذه المصادر لأنه يتعلّق بالمستقبل والهوية الوطنية· ويزيد من أهمية المرئيات الأخيرة التي خرجت عن لقاء صاحب السمو نائب رئيس الدولة مع الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، وزير الداخلية، رئيس لجنة التركيبة السكانية، أنها تأتي في عام الهوية، الذي أعلنه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- إدراكاً من سموه لطبيعة المخاطر التي تحيط بهذه الهوية وفي مقدّمتها الخلل السكاني الخطير بين المواطنين والوافدين وتبعاته المختلفة خاصة على المستويين الاجتماعي والثقافي، وهذا يؤكّد أن الدولة عازمة على المضي بقوة في إيجاد الحلول المناسبة لهذه المشكلة، كما ينطوي على رسالة مهمّة إلى كل مؤسسات المجتمع الإماراتي وفعالياته تدعو إلى المساهمة والمشاركة مع الحكومة في التعاطي مع قضية التركيبة السكانية، بالنظر إلى الأبعاد المعقّدة والمتداخلة والكثيرة لهذه القضية والتي تحتاج إلى شراكة حقيقية بين الحكومة والمجتمع في البحث عن علاج حقيقي وواقعي لها· لا جدال في أن التعامل مع موضوع خلل التركيبة السكانية ليس أمراً سهلاً، ونتائج الخطط والسياسات الخاصة بها لا تظهر سريعاً على الأرض، وبرغم ذلك فإن اهتمام القيادة الواضح بهذا الملف، وإدراكها للمخاطر التي ينطوي عليها والتأثيرات التي يفرزها، فضلاً عن الطريقة العلمية التي تتبعها في معالجتها، كلها عوامل تبعث على الثقة في أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح· عن نشرة أخبار الساعة الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية www.ecssr.ac.ae