تلقيت عدداً من الاتصالات تعليقاً على دعوتي في مقال الأحد الماضي لتخليق نوع من الأمل بعد قمة البكائيات. أيدني كل أصحاب الرأي ممن اتصلوا بي، في الدعوة إلى المراهنة العربية على دمشق لتقوم بدور الجسر الحواري والتفاوضي الصريح بين العرب وإيران، لإزالة أسباب المخاوف العربية وتسوية المشكلات المعلقة مع طهران. لقد أطلقت هذه الدعوة من قاعدة فكرية أؤمن بها وهي قاعدة البحث في ركام المشكلات عن بداية خيط إيجابي لمعاونة الساسة والرأي العام على التفكير بطاقة إيجابية في مشكلات الواقع بدلاً من السقوط في هاوية اليأس والاستسلام. تطبيقاً لهذه القاعدة، فإنني أعتقد أن التقارب السوري - الإيراني الذي يصفه البعض بالتحالف الاستراتيجي يمكننا، بل ويجب علينا النظر إليه الآن كميزة مضافة إلى المجموعة العربية. كذلك علينا أن نختبر إمكانية تفعيل هذه الميزة لصالح القضايا العربية، وذلك من خلال الموقع الذي يشغله الرئيس السوري كرئيس للقمة العربية على مدى عام كامل. إنه موقع يلقي على سوريا واجبات خاصة تجاه القضايا والمصالح العربية بشكل عام وتجاه مشكلة جزر الإمارات المحتلة - طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى - على نحو خاص. لماذا يبدو لي أن دور رئيس القمة العربية أيسر في مفاتحة إيران في مشكلة الجزر من مفاتحتها في مشاكل أخرى؟ أولاً: لأن العلاقات السورية - الإماراتية ذات طابع صاف وحميم خال من أشكال أخرى من التعقيدات القائمة بين سوريا ودول عربية أخرى. هنا يصبح الحافز السوري أكثر صفاء وأشد قوة في أداء دور مؤثر لدى طهران لحل هذه المشكلة مرة بحكم صفاء العلاقات السورية - الإماراتية ومرة بحكم الدور القيادي السوري لمؤسسة القمة العربية. ثانياً: القنوات المفتوحة على نحو حميم بين دمشق وطهران تسمح لسوريا رئيسة القمة العربية أن تراجع مع الإيرانيين حساب الربح والخسارة الناتج عن استمرار إيران في احتلال هذه الجزر،خاصة في مجال المشاعر الشعبية العربية التي تقع في دائرة المرارة تجاه الموقف الإيراني. ثالثاً: رئيسة القمة العربية تمتلك الأدوات الفكرية اللازمة لإقناع الأخوة في إيران بأن استمرار هذه المشكلة يمكن الآلة الدعائية الإسرائيلية من التشويش على واقع الاحتلال لفلسطين وتشتيت أنظار الشعب العربي بين مصدرين للخطر على الأرض العربية بدلاً من تركيزها على العدوان التاريخي الصهيوني، وهو بالتأكيد أثر لا تريده طهران على صورتها كشقيقة إسلامية للوطن العربي. إلحاحي هنا مجدداً على مقتضيات الدور المطلوب من سوريا كرئيسة للقمة العربية في موضوع الجزر على نحو خاص هو إلحاح مدفوع بالتطور الذي رصده وعبر عنه الكاتب الزميل محمد خلفان الصوافي في مقاله المنشور بتاريخ 9/4/2008 تحت عنوان "أدلجة الجزر الإماراتية". لقد بين الزميل أن قضية الجزر قد تم الزج بها من جانب طهران في إطار الخطاب الديني عندما تناولها في خطبة الجمعة أحد أبرز الخطباء أحمد خاتمي، زاعماً أن الجزر هي إيرانية وستبقى إيرانية إلى الأبد، مضيفاً إلى ذلك الزعم تعنيف القادة العرب الذين حضروا قمة دمشق على إبداء تأييدهم لدولة الإمارات في هذه القضية. وإذا كان الكاتب الزميل يرى أن إيران تكون بهذه الخطبة الدينية قد استكملت ثلاثية الرد على الموقف العربي حيث سبق الخطبة موقف متشنج على لسان وزير الخارجية الإيراني وموقف مشابه من جانب المتحدث باسم الوزارة محمد علي حسيني، فإنني أعتقد أن من واجبي ككاتب عربي مصري ألتزم بالحقوق الإماراتية العادلة وأتمنى للعلاقات العربية الإيرانية حالة أفضل، أن أطالب سوريا كرئيسة للقمة وصديقه لطهران بأن تتدخل تدخلاً فعالاً في هذا الشأن.