تخبط مروع تجاه إيران... وسجال ساخن حول العراق



أصداء السجال حول العراق داخل الكونجرس، خاصة ما يتعلق بكلفة الحرب، وموقف القوى الكبرى من برنامج إيران النووي، وإصرار الصينيين على الالتزام بالجدول المحدد لسير الشعلة الأولمبية... موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية.



"اقتصاد الحرب":

هكذا عنونت "لوس أنجلوس تايمز" افتتاحيتها يوم أمس، مشيرة إلى أن حرب العراق تمت مناقشة تداعياتها الاقتصادية خلال الأيام القليلة الماضية في الكونجرس، مما ألقى الرعب في قلوب "الجمهوريين"، ولهؤلاء، حسب الصحيفة، مبرر للقلق، فـ"الديمقراطيون" يكسبون نقاطاً سياسية عندما يبذلون جهداً كي يثبتوا أن تكلفة الحرب مدمرة، وأن العراقيين قلصوا ما يدفعونه من حصتهم في هذه التكلفة. والإدارة الأميركية تقول إن ارتفاع أسعار النفط أنعشت الخزانة العراقية، لكن العراقيين يخططون لاستثمار هذه الزيادة في مشروعات إعادة الإعمار. لكن "الديمقراطيين" يرون أنه رغم وجود فائض مالي لدى العراقيين يصل إلى 30 مليار دولار مودعة بالبنوك الأميركية، فإن تكلفة الحرب التي بلغت 600 مليار دولار جعلت الاقتصاد الأميركي يعاني من عجز مالي. الرئيس بوش اشتم رائحة الخطر، وألقى خطاباً يوم الخميس الماضي، قال فيه: "ليس العراق فقط هو من أدى معدل الإنفاق العسكري الراهن والذي يصل إلى 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، ناهيك عن أن هذه النسبة لا تزال أقل من نظيرتها خلال الحرب الباردة، والتي وصلت إلى 16%، وأقل أيضاً من النسبة التي كانت سائدة إبان إدارة الرئيس ريجان لمواجهة الاتحاد السوفييتي، حيث وصلت آنذاك إلى 9% من إجمالي الناتج الأميركي، كما أن النسبة الراهنة تبدو ضعيفة عند مقارنتها بتكلفة هجوم إرهابي آخر على الشعب الأميركي".

وحسب الصحيفة، بوش على حق، فالمال ليس هو جوهر المشكلة، لأن تنظيم "القاعدة"، على حد تحذيرات مكرّرة للإدارة الأميركية، إذا استخدم العراق كساحة لشن هجمات داخل الأراضي الأميركية، فسيكون على الأميركيين بذل ما في وسعهم لمقاتلة "القاعدة"، والتضحية من أجل هذا الهدف. لكن لا تنظيم "القاعدة في العراق، ولا محاولات إيران التأثير على بلاد الرافدين، تعرض الولايات المتحدة لهذه الهجمات، أو أن تكون مبرراً لمواصلة احتلال دولة عربية بقوات قوامها 140 ألف جندي أميركي.

وجود "القاعدة" ببلاد الرافدين والتدخل الإيراني في العراق مشكلات ذات طبيعة سياسية، مما يستلزم البحث عن حلول سياسية لا يستطيع غير العراقيين إيجادها. وحسب الصحيفة، يتعين على الولايات المتحدة الاستمرار في مساعدة وتدريب القوات العراقية، وفي الوقت نفسه البدء في الانسحاب، لا لأن الاقتصاد الأميركي يتضرر من الحرب في العراق، بل لأن الحرب لم تكن أبداً من أفضل المصالح الأميركية.

"حقائق العراق":

خصصت "واشنطن بوست" افتتاحيتها يوم الأربعاء الماضي لرصد السجال الأميركي حول العراق، وذلك بمناسبة جلسة استماع في الكونجرس أجراها الجنرال "ديفيد بيترايوس" والسفير "رايان كروكر" يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين. الصحيفة رأت أن "الجمهوريين" يميلون لموقف السيناتور "جون ماكين" الذي يعتقد أن النجاح في العراق في متناول اليد، وأن أهداف الولايات المتحدة هناك تتحقق ربما في وقت أبكر من المتوقع، أما "الديمقراطيون"- بما فيهم المرشحان الرئاسيان "هيلاري" و"أوباما"- فيصرون على موقفهم المتمثل في أن "الحرب خاسرة"، ويركزون على أنه من الأفضل توجيه كلفتها لأفغانستان. لكن على "الجمهوريين" و"الديمقراطيين" إدراك أن ما قاله "كروكر" عن "تقدم حقيقي" في العراق لا يزال "هشّاً" حسب كلام الجنرال "بيترايوس".

وعلى عكس اقتراحات السيناتور "ماكين"، يستلزم النجاح في العراق التقيد تجاهه بالتزامات ممتدة، لكنها غير مضمونة. بيد أن "كروكر" و"بيتراوس" أشارا إلى أن هذه الالتزامات لها ما يبررها، وحتى في ظل كل هذا الكدح الذي اكتظت به السنوات الخمس الماضية، فإن "العراقيين والأميركيين والعالم كله لن يحكموا على العراق بناء على ما حدث فيه، بل بناء على ما سيحدث، ومن ثم فإن "الانسحاب المبكر غير المشروط"، حسب كروكر، "سيجلب كارثة وعواقب وخيمة على المنطقة والعالم".

"تخبط تجاه إيران":

اختارت "نيويورك تايمز" هذه العبارة عنواناً لافتتاحيتها يوم أمس، مشيرة إلى أن الرئيس أحمدي نجاد أطلق، في الأيام الأخيرة، ادعاءً كبيراً مفاده أن علماءه نجحوا في زيادة حجم برنامج الوقود النووي بمقدار ثلاثة أضعاف، وهذا يذكرنا بأن القوى الكبرى تمر بتخبط مروع في سياستها تجاه أحد أهم التحديات الأمنية الراهنة. ما يبعث على القلق هو أن إيران باتت أكثر اقتراباً من الجزء الأصعب في بناء أسلحة نووية، مما يثير تساؤلاً مؤداه: لماذا لا تتبنى الدول الكبرى استراتيجية لاحتواء طموحات إيران النووية؟ ثمة جملة إيضاحات منها أن روسيا والصين- أولاهما باعت تقنيات نووية إلى طهران، وثانيتها تستورد النفط الإيراني، ومن ثم هما أكثر اهتماماً بالعرض والطلب مقارنة مع اهتمامهما بالدخول في مواجهة.

وعلى صعيد آخر، نجد بريطانيا وفرنسا وألمانيا، دولاً لديها موقف أكثر صرامة في التعامل مع برنامج إيران النووي، لكن في الوقت نفسه، لديها مصالح اقتصادية تريد حمايتها، وتخشى من الضغط الشديد على إيران أحد أكبر مصدري النفط في العالم، لاسيما أن سعر برميل الخام يتجاوز الآن مائة دولار. الرئيس بوش لا يمتلك المهارات الدبلوماسية التي تمكنه من تجاوز الشعارات الأيديولوجية وتقديم حوافز لإيران، خاصة في ظل مأساته الراهنة في العراق، وهو يصر على أنه لن يسمح لطهران بامتلاك سلاح نووي، جيد لكنه لن يستطيع تحقيق ذلك خلال الفترة المتبقية له في البيت الأبيض، كما أن العالم أصبح أكثر تقبلاً لفكرة إيران القادرة نووياً. مجلس الأمن أمر طهران بتعليق برنامجها الخاص بالوقود النووي، وأطلق ثلاث مجموعات من العقوبات لمواجهة العناد الإيراني، لكن روسيا والصين تعرقلان أي تحرك أكثر صرامة من شأنه إجبار طهران على الدخول في مفاوضات حول برنامجها النووي.

وحسب الصحيفة، ثمة لقاء ينوي اللاعبون الكبار (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) عقده نهاية الشهر الجاري في شنغهاي لمناقشة البرنامج النووي الإيراني، وترى الصحيفة أن على هذه الدول إصدار قائمة جديدة من العقوبات تتضمن حظر التعامل مع البنوك الإيرانية، وحظر مبيعات السلاح إلى إيران، وأن يتم إطلاق تحذيرات بتطبيق عقوبات أشد على طهران.

"أولمبياد بكين ومشكلات الشُّعلة":

خصص "بيتر فورد" تقريره المنشور بـ"كريستيان ساينس مونيتور" يوم أمس لرصد أصداء الشعلة الأولمبية التي بدأت جولة طولها 85 ألف ميل تمر خلالها بـ20 دولة، خاصة في ظل التظاهرات التي صاحبتها في بعض محطاتها، على ضوء اضطرابات التبت الأخيرة. منظمو الأولمبياد الصينيون يبدون إصرارهم على أن تمر الشعلة في المناطق المحددة سلفاً، على أمل أن يجدوا ترحيباً أكثر بهذا الأولمبياد عندما تمر الشعلة في مدن أميركا اللاتينية وآسيا وأفريقيا. أما "جاك روج" رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، فأكد أنه لا توجد خطة لتقصير جولة الشعلة، أملاً في تجنب المشاكل.

على الصعيد السياسي، حث الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء البريطاني بكين على تنقية الأجواء قبل الأولمبياد عبر إجراء حوار مع الدلاي لاما الزعيم الروحي للتبت، خاصة بعد وقوع اضطرابات في الإقليم هي الأعنف منذ عقود.

إعداد: طه حسيب