نعتقد أن ثمة موعداً محدداً، طالما تجاهلته أطراف السجال الدائر بشأن الحرب على العراق، على رغم أهميته البالغة. فبحلول يناير من العام المقبل، ستفقد هذه الحرب شرعيتها، ما لم تتخذ من الإجراءات والخطوات ما يحدث تغييراً على هذا الموعد. وهناك من يحاول الاحتجاج بغير ذلك، إلا أن الكونجرس يتفهم جيداً أنه ولدى تفويضه الرئيس بوش بالتدخل عسكرياً في العراق بموجب قراره المعنون "التفويض بموجب القرار المشترك" الصادر عنه في أكتوبر من عام 2002، اشترط في قرار التفويض هذا أمرين اثنين، مضى على انقضاء أولهما وقت ليس بالقصير. ويتلخص هذا الشرط في السماح للرئيس بالدفاع عن أمن الولايات المتحدة الأميركية ضد الخطر المستمر الذي يشكله العراق. وقد وضع حد لهذا الخطر منذ الإطاحة بنظام صدام حسين. وعليه فلم يعد ثمة معنى للحديث عن خطر يمثله العراق اليوم، أو لافتراض أن أمننا الوطني لا يزال يتعرض لمهددات عراقية. وبذلك ننتقل إلى الشرط الثاني الذي يخول الرئيس تنفيذ كافة قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بالعراق. وبموجبه فقد سمح لإدارة بوش بتطبيق القانون الأميركي وذلك عن طريق الحصول على سلسلة من القرارات التي تمنح الولايات المتحدة حق قيادة القوة الدولية المتعددة الجنسيات، المرابطة في العراق. وهنا تكمن المشكلة. فالمتوقع لآخر القرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة في هذا الصدد، أن تنتهي صلاحيته في الحادي والثلاثين من ديسمبر المقبل، في حين أعلنت الإدارة عزمها على عدم السعي للحصول على بديل آخر لهذا القرار للعام المقبل. وبدلاً من ذلك، تواصل الإدارة جهودها الآن في سبيل التوصل إلى اتفاق ثنائي مع الحكومة العراقية، لتتجاوز به الحصول على تجديد للتفويض الدولي الممنوح لها. لكن وأياً يكن الاتفاق الثنائي الذي سيتم التوصل إليه، فإنه لن يسد الثغرة القانونية القائمة. والسبب أن الإدارة لا تعتزم تقديم الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه مع الحكومة العراقية إلى الكونجرس، بهدف الحصول على موافقته الصريحة عليه. وبما أن الدستور يخول للكونجرس سلطة "إعلان الحرب" فإنه لا يجوز للرئيس تجاهل الشروط المفروضة عليه بموجب قرار الكونجرس الصادر في عام 2002، وهي الشروط التي تلزمه بالرجوع مرة أخرى إلى الكونجرس للحصول على تفويض جديد منه. بعبارة أخرى لا يجوز للرئيس استبدال موافقة الكونجرس على مواصلة التكليف العسكري، بالموافقة التي يحصل عليها من الحكومة العراقية. وعلى رغم بساطة وبديهية هذه النقطة القانونية، إلا أنها لم تحظ بعد بالاهتمام الذي تستحقه. وفي حين يحتدم الجدل بين المرشحين الرئاسيين بشأن ما إذا كان الوجود العسكري في العراق سيستمر لمدة عامين أو 100 عام مقبلة، فإن من الواضح أنه لا أحد يلفت الانتباه إلى مشروعية هذا البقاء خلال الأشهر القليلة المقبلة. ومع هذه الغفلة، تواصل إدارة بوش توسيع أهدافها الخاصة بتلك الحرب، دون الاستناد إلى حجج قانونية كافية. ففي جلسة استماع عقدها الكونجرس مؤخراً، زعم ديفيد ساترفيلد، منسق الإدارة للشؤون العراقية، أن تفويض عام 2002 الصادر عن الكونجرس، يخول الإدارة مواصلة استخدام القوة العسكرية ضد تنظيم "القاعدة" في العراق. وتناسى ساترفيلد أن تنظيم "القاعدة" لم ينشط في العراق إلا نتيجة للغزو الأميركي. وحتى لا يمضي ساترفيلد في تفسير القانون على هواه، فإن الكونجرس لم يسمح باستخدام القوة إلا للدفاع عن أمن الولايات المتحدة ضد الخطر المستمر الذي يشكله عليه العراق حينها. وهكذا يتضح أن النص لم يمدد هذا التفويض باستخدام القوة، ضد أي من المخاطر التي ربما تنشأ يوماً ما في العراق. بل إن للإدارة حججاً أخرى أكثر سوءاً وتهافتاً في الدفاع عن محاولات خروجها على القانون. منها على سبيل المثال قولها إن قرار الكونجرس الذي خوّل شن "الحرب على الإرهاب" الذي صدر بعد عدة أسابيع فحسب من هجمات 11 سبتمبر، يوفر دعماً قانونياً كافياً لمواصلة الحرب حتى عام 2009. غير أن هذا الزعم اشتط كثيراً في تأويلاته. فإذا ما صح هذا، فإنه يصح أيضاً القول إنه كان في مقدور الرئيس بوش غزو العراق أحادياً، دونما حاجة منه لموافقة الكونجرس على قرار شن الحرب. وهذا ما لا يمكن صدوره إلا من رئيس جامح لا سبيل إلى لجمه بأية قوانين كانت. ومما قالته الإدارة أيضاً إن الكونجرس منح تأييده الشرعي لاستمرار الحرب، طالما أصدر موافقته على استمرار تمويلها. ولكن هل تستوي الموافقة على التمويل، بمنح الإذن بمواصلة استخدام القوة العسكرية؟ ولو كان الأمر كذلك، لأصبح في وسع الرئيس شن أية حرب أرادها ثم يأتي لاحقاً ليرغم الكونجرس على الاختيار بين أمرين: إما ممارسة سلطاته الدستورية أو دعم القوات العسكرية المقاتلة في تلك الحرب! والسبيل السهل والمباشر لسد هذه الثغرة القانونية هو تمديد التفويض الدولي الصادر عن مجلس الأمن، حتى عام 2009. بروس أكيرمان وأونا هاثاوي أستاذا القانون بجامعة "يل" ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"