الله يكون بعون الكويت... تفاجأنا بمقابلة سمو رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد الصباح مع صحيفة "الرأي" الكويتية؛ حيث قال ليس لدى الحكومة أي دليل قاطع على تورط عماد مغنية في اختطاف طائرة الجابرية، وعلى استشهاد بعض من ركابها في مطار الكويت عندما قذفوا من باب الطائرة بعد إطلاق النار عليهم. سمو رئيس الحكومة قال في لقائه: ليس لدينا الدليل القطعي والمحسوس ضد عماد مغنية. في الوقت الذي أشارت تحقيقات جهاز أمن الدولة والنيابة الكويتية إلى ثوابت تؤكد أن هناك قضية تستحق التحقيق، وهناك من تم الإفراج عنهم بكفالة مالية كبيرة بعد احتجازهم بأمر من النيابة الكويتية وبناء على شكوى مقدمة من الحكومة. الحكومة، وعلى لسان نائب رئيس وزرائها، قالت في بيانها يوم 18 فبراير 2008 إن مغنية إرهابي، وإن يديه ملوثتان بدماء الأبرياء في اختطاف طائرة الجابرية. وزير الداخلية أعلن أكثر من مرة عن تورط المذكور، وهو المسؤول عن الجهاز الأمني، وما كان ينبغي أن يدلي بتصريحه إذا لم تكن لديه الأدلة، وكان الأحرى به العودة إلى رئيس الحكومة قبل إدلائه بتصريحه. رئيس الحكومة اتهم جهات تقف وراء الحملة التي تشن عليه، وكان يقصد أطرافا محددة بعينها، ووفق ما يُشاع بالشارع الكويتي، أنها أطراف من بيت الحكم. المواطن البسيط والعادي لا يعرف منْ يُصدِّق؛ فالحكومة تقيم دعوة، وتُصرح ببيان رسمي ضد عماد مغنية، ويأتي رئيس الحكومة ليقول إنه ليس لدينا أي دليل، يؤكد ذلك في الوقت الذي تنظر النيابة الكويتية القضية المرفوعة من الحكومة. النيابة الكويتية وضعت في موقف حرج، فالطرف الذي أقام القضية تراجع وصرح على لسان رئيسها ببراءة مغنية والنيابة لم تنته من تحقيقاتها، والقضية مازالت منظورة أمامها والقضاء سيقول كلمته الفصل حول ما أثير من شبهات، وما قدم من قرائن من وزارة الداخلية الكويتية. الضرب تحت الحزام، هو عنوان المرحلة في الكويت، وهو أمر في غاية الخطورة عندما تدخل الصحافة لتنقل رسائل سياسية بين أبناء البيت الواحد، وكان الأحرى أن تُحل مشاكل أهل البيت فيما بينهم، وألا يزجوا بالشارع بخلافاتهم، لكي لا نعرض استقرار البلاد لأخطار محدقة، وخصوصاً أن أوضاع البصرة تشير إلى تفاقم الحالة الأمنية فيها، وهي لا تبعد سوى كيلومترات بسيطة عن الكويت. إذا كان رئيس الحكومة لديه الأدلة على عدم تورط مغنية، فلماذا تشن الحملة على من قام بالتأبين؟ وكان عليه أن يتصرف وفق مسؤولياته الدستورية والقانونية، ولا يترك الأمر تتقاذفه التصريحات الصحفية ويتبادل الشارع الكويتي الاتهامات، وتصدر الكتل البرلمانية تصريحاتها، التي أدانت فيه مغنية وحملته المسؤولية. الكل يسأل في الكويت: لماذا جاء رئيس الحكومة في هذا الوقت , وقال تصريحاته المربكة، وهي تصريحات جاءت من رئيس الحكومة، وهو المسؤول عن وزرائه وعما يتفوهون به؟ من الواضح أن التخبط عنوان كبير تعيشه الكويت، وأن الأزمة ليست في مجلس الأمة فقط كما ظهر في بيان الحكومة، حيث أعلنت عدم قدرتها على التعاون مع المجلس؛ فمن الواضح أن الحكومة أضاعت طريقها ولا تعرف أين تسير، وأن الصراع على أشده بين الأقطاب، وأن الكويت تعيش حالة اهتزاز كبيرة، وهي مقبلة على مرحلة جديدة في مسيرتها. الحكومة يفترض أنها تمثل سلطة رشيدة، وعليها أن تدرس تصريحاتها وألا تخلط الأوراق، وتضيع الناس معها، وتدفع بالمجتمع نحو البلبلة، ويفترض فيها أن تقود الشارع، ولاتُقاد من قبل أي طرف من الأطراف. ولكن يبدو أن الحكومة دخلت مرحلة جديدة من المواجهات، وهي مقدمة على مزيد من الضياع، إذا ما استمر الحال على ما هو عليه.