مصير غائم لقضايا ضبط التسلح... واليابان خارج "المعادلة الأسترالية"

حصاد غزو العراق بعد خمس سنوات على وقوعه، ودعوة لاتفاق أميركي-روسي حول ضبط التسلح، واستغراب من عدم إدراج اليابان ضمن الجولة الخارجية الأولى لرئيس الوزراء الأسترالي، وحلم "استقلال" التبت لا يزال بعيداً... موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية.

خمس سنوات من الفشل العراقي

هكذا عنونت "تورنتو ستار" الكندية افتتاحيتها يوم الأربعاء الماضي قائلة: "عندما شن الرئيس الأميركي جورج بوش حربه على نظام صدام حسين في 19 مارس 2003 كان 60% من الأميركيين يؤيدون هذه الحرب ولديهم قناعة بأن صدام حسين كانت بحوزته أسلحة دمار شامل وله علاقة مع تنظيم "القاعدة"، وأن الديمقراطية ستزدهر في بلاد الرافدين. الآن يبدو أن هذه القناعات قد تبددت، فالحرب التي خصص لها وزير الدفاع الأميركي السابق دونالد رامسفيلد 60 مليار دولار قاربت تكلفتها الإجمالية -حسب توقعات جوزيف ستيجليتز الخبير الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل- 3 تريليونات دولار، ولقي قرابة 4 آلاف أميركي مصرعهم، فيما لقي 151 ألف عراقي حتفهم جراء عمليات العنف، كما تلقت المصداقية الأميركية صفعة قوية بسبب التداعيات الناجمة عن هذه الحرب. وعلى الرغم من أن "الديمقراطية في العراق الجديد" في ظل رئاسة جلال طالباني ورئيس الحكومة نوري المالكي لا يمكن مقارنتها بنظام صدام حسين الاستبدادي، فإن النظام الديمقراطي الجديد في بلاد الرافدين لا يزال ضعيفاً وغير مستقر، ناهيك عن خوف كثيرين في العراق من انسحاب الولايات المتحدة. وفي غضون ذلك ينظر "باراك أوباما" و"هيلاري كلينتون" إلى الحرب على العراق على أنها بددت جهود الولايات المتحدة في أفغانستان الملاذ الرئيسي لعناصر "القاعدة"، علماً بأن حكومة حامد قرضاي ضعيفة ولا تمتلك قدرات عسكرية كافية تمكنها في حفظ الأمن، ولا تزال فلول "طالبان" تشكل تهديداً، في وقت ينهمك فيه 157 ألف جندي أميركي في العراق. التاريخ سيذكر، حسب الصحيفة، الرئيس بوش بأنه قاد بلاده إلى حرب في العراق أضرت بمصداقيتها السياسية والأخلاقية وبددت مواردها التي كانت في أمس الحاجة إليها لمواجهة الإرهاب.

"فرصة أخيرة للرئيسيين لصناعة التاريخ"

بهذه العبارة عنونت "ذي موسكو تايمز" الروسية افتتاحيتها يوم أمس الخميس، مشيرة إلى أن فشل وزيرة الخارجية الأميركية ووزير الدفاع الأميركي في الاتفاق مع نظيريهما الروسيين في التوصل إلى اتفاق حول خطط واشنطن الرامية إلى نشر أجزاء من الدرع الصاروخي في أوروبا الشرقية، أمر يدعو للأسف، لكنه متوقع. وحسب الصحيفة، استبق المسؤولون في واشنطن زيارة "رايس" و"جيتس" إلى موسكو وصرحوا بأنه لا توجد عروض أميركية جديدة للروس، وأن بوش قدم رسالة لنظيره الروسي تتضمن إمكانية تحسين العلاقات بين البلدين، كما أن قادة "البنتاجون" قالوا إن هذه الرسالة تُعطي الأولوية لحوار أميركي-روسي على المدى الطويل... "رايس" و"جيتس" اتفقا على ألا يتفقا مع نظيريهما في روسيا حول نشر الولايات المتحدة أجزاء من الدرع الصاروخي في أوروبا الشرقية. الصحيفة تأمل في أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق حول المسألة، لأنه ما لم يتم الاتفاق عليها سيتعرض النظام الدولي لضبط التسلح الهش أصلاً إلى صفعة قوية، لاسيما وأن واشنطن انسحبت من معاهدة الصواريخ البالستية المضادة للصواريخ، وموسكو علقت عضويتها في معاهدة الأسلحة التقليدية في أوروبا، إضافة إلى أن روسيا تهدد بالانسحاب من معاهدة القوات النووية متوسطة المدى التي بموجبها يتم حظر نشر الصواريخ متوسطة المدى. وخلال العام الماضي سينتهي العمل بمعاهدة تخفيض الأسلحة الاستراتيجية ما لم توقع واشنطن وموسكو على تمديد العمل بها، خصوصا أن هذه المعاهدة تعد حجر الزاوية في عملية الرقابة على الأسلحة الاستراتيجية وتتضمن نظاماً للتحقق من تخفيض الأسلحة كانت معاهدة موسكو قد تضمنتها. وإذا كان بوش وبوتين يريدان أن يدخلا التاريخ كزعيمين لم يستخفا بمسألة ضبط الأسلحة الاستراتيجية، فإن عليهما حث دبلوماسييهما على الدفع باتجاه تسوية لمسألة الدرع الصاروخي ولمجمل قضايا نزع السلاح، وذلك قبل انعقاد قمة "الناتو" المقبلة المقرر التئامها الشهر المقبل في بوخارست.

اليابان... خارج المعادلة:

تحت عنوان (لا يوجد سبب لدى "رود" كي يُخرج اليابان من المعادلة)، كتب "كينيشي أوهماي"، مقالاً في "سيدني مونينج هيرالد" الأسترالية، قال فيه: إن "كيفين رود"، رئيس الوزراء الأسترالي، سيجري قريباً أولى جولاته الخارجية منذ تسلمه زمام الأمور في البلاد. الجولة ستشمل الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم، وبريطانيا، حيث المقرات الدائمة للكومونولث، والصين بطل العالم النامي وأكبر اقتصاد في منتصف القرن الحادي والعشرين، لكن ما يلفت الانتباه في هذه الجولة هو عدم وجود اليابان ضمن محطاتها."أوهماي"، باحث استراتيجي مقيم في طوكيو، وله كتابات حول العولمة، يرى أنه خلال العقود الأربعة الماضية لا تزال اليابان أكبر شريك تجاري لأستراليا، فهي تستورد ما بين 20 إلى 25% من إجمالي الصادرات الأسترالية. وإذا كانت الصين والولايات المتحدة شريكين تجاريين لأستراليا، فإن الأخيرة تعاني من عجز في ميزانها التجاري مع هذين البلدين، في حين تتمتع كانبيرا بفائض تجاري مع اليابان يزيد على 15 مليار دولار سنوياً، أي أن اليابان أكبر زبون لأستراليا. على صعيد آخر، إذا كان "رود" خاض حملة انتخابية برسالة واضحة حول حماية البيئة، فإن اليابان بطل الدول الصناعية من حيث الحفاظ على الطاقة، ومعروف عنها جهودها الحثيثة لضمان هواء نظيف وتربية ومياه خاليتين من التلوث، ربما أراد رئيس الوزراء الأسترالي توجيه رسالة ضمنية إلى اليابانيين بعدم إدراج بلادهم ضمن جولته، مفادها أنه لا يحب آكلي لحوم الحيتان، وأنه لا يتسامح مع اليابان التي تقتل الحيتان في القارة القطبية، لكن هذا التصور غير دقيق، فكثير من اليابانيين لا يحبون صيد الحيتان، وبعضهم لا يود قتل أي حيوان يمشي على أربع.

لا استقلال للتبت:

هكذا عنون "جوين داير" مقاله المنشور الأربعاء الماضي في "جابان تايمز" اليابانية، مشيراً إلى أن القوات الصينية واجهت خلال الآونة الأخيرة معضلة هي إذا لم تطلق النار على المتظاهرين في التبت، فإن عددهم سيتنامى، مما يؤجج حلمهم في الاستقلال. السلطات الصينية قالت إن 10 من المتظاهرين لقوا مصرعهم، في حين صرحت حكومة التبت المقيمة في المنفى بأن 80 شخصاً قتلوا في المواجهات مع الشرطة، وهو رقم يدعمه سياح كانوا موجودين في لاسا -عاصمة التبت- إبان وقوع الصدامات. "الدلاي لاما" يصر على أنه لا يسعى إلى استقلال الإقليم عن بكين، لكنه يطلب مزيداً من الاستقلالية للثقافة التبتية والعقيدة البوذية المرتبطة بها. الكاتب وصل إلى استنتاج مهم مفاده أن الأمر في التبت يشبه ما حدث في جمهوريات البلطيق، التي لم تحصل على استقلالها إلا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، فطالما أن النظام لم يتغير في بكين، فلن تكون ثمة فرصة لاستقلال التبت.

إعداد: طه حسيب