تبدأ في نهاية الشهر الحالي فعاليات القمة العربية في دمشق. وتنعقد القمة في ظروف سيئة للغاية تمر بها الأمة العربية، فهناك حرب بين الفلسطينيين والإسرائيليين... القادة العرب محرجون أمام شعوبهم لأنهم فشلوا في التصدي للآلة العسكرية الإسرائيلية التي تقتل المدنيين الأبرياء من أطفال ونساء يومياً... حتى جاءت حصيلة المجازر الإسرائيلية لتتجاوز مئة قتيل خلال أيام قليلة. القادة العرب فشلوا في حل الخلافات الفلسطينية -الفلسطينية والنزاع الدائر بين السلطة الفلسطينية وحركة "حماس" في غزة، والقادة العرب يعرفون بأن حركة "حماس" هي الرديف السني لـ"حزب الله" في لبنان، وأنها هي حركة "الجهاد الإسلامي" تخوضان حرباً غير متكافئة مع إسرائيل الهدف منها إفشال عملية السلام بعد مؤتمر أنابوليس في نوفمبر الماضي. وزيرة الخارجية الأميركية قدمت للمنطقة في الأسبوع الماضي لتهدئة الأمور وحثت جميع الأطراف على استئناف المفاوضات لتحقيق السلام في المنطقة، لكنها ما أن غادرت المنطقة حتى تحركت مجموعة تحمل اسم "كتائب شهداء الجليل" لتنفذ عملية انتحارية استهدفت المدرسة التوراتية في القدس الغربية، راح ضحيتها 8 إسرائيليين وجرح فيها أكثر من 35 مستوطناً. إسرائيل بادرت بتطويق الضفة الغربية وإغلاقها، وهناك احتمالات بأن تكون ردود الفعل الإسرائيلية قوية ضد "حماس" و"حزب الله" اللبناني. هذه العملية تبين بوضوح من هو المسيطر على "حماس" في غزة والضفة الغربية... فكيف يمكن للقمة أن تنجح ما دامت إيران تلعب دوراً متزايداً في غزة؟ الدور المتصاعد لـ"حماس" في غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي المؤقت منها، دفع قيادتها للاحتفال بالانتصار الوهمي الذي تدعيه، مما يثير العديد من التساؤلات حول تحرك جماعات الإسلام السياسي في المنطقة؛ فحركة الإخوان المسلمين التي تنتمي "حماس" إليها، وبالتعاون مع إيران وأنصارها في المنطقة، يهدف هؤلاء جميعاً إلى تطويق الأنظمة العربية المعتدلة في مصر والسعودية والأردن ودول الخليج من خلال إفشال عملية السلام وتأليب الشارع العربي ضد حكوماته. فقد كشفت السعودية في الآونة الأخيرة عدداً من الخلايا الإرهابية المتطرفة. وفي مصر والأردن تحرك "الإخوان المسلمون" في مظاهرات ضد حكومتي بلديهم مطالبين بنصرة غزة. وفي الكويت والبحرين تأزمت الأمور بعد أن سعت بعض الأوساط المحلية إلى تأبين عماد مغنية، مما خلق توتراً طائفياً غير مسبوق. "الإخوان المسلمون" في الكويت يقومون بحملة لجمع التبرعات لضحايا غزة... والهدف من هذه التحركات إفشال القمة العربية أو توجهها لمعالجة القضية الفلسطينية فقط على حساب لبنان المأزوم. القمة العربية ستفشل لأنها عجزت عن إيجاد صيغة ملائمة لتحقيق التعاون بين الفرقاء اللبنانيين... يتم بموجبها انتخاب الرئيس سليمان وإنهاء الأزمة، خصوصاً أن وزراء الخارجية العرب لم يوافقوا على الخطة السورية للبنان، فالنظام السوري يحاول إبعاد القمة العربية عن لبنان بالتركيز على القضية الفلسطينية. ليس المطلوب من القمة العربية إدانة إسرائيل مرة أخرى، فالكل يعرف بأن إسرائيل هي المسؤولة عن كل جرائم الاحتلال، لكن ما نود إدانته وكشفه أمام العرب والعالم هو الأنظمة العربية التي تتاجر بالقضية الفلسطينية دون إطلاق رصاصة واحدة ضد إسرائيل، بينما أنصارها يتحركون في غزة ولبنان لتخريب عملية السلام وإحراج الأنظمة العربية المعتدلة.