تشير بعض مصادر الاستخبارات ومراسلي الإعلام في الولايات المتحدة إلى أن أيّام زعيم كوبا التاريخي فيديل كاسترو باتت معدودة وأنه يودع الحياة تدريجياً. وفي آخر مقابلة بثها التلفزيون الكوبي وتناقلتها وسائل الإعلام الأميركية والعالمية، بدا كاسترو مرهقاً جداً، وبالكاد يستطيع التحدث بجمل غير مكتملة وعبارات منقطعة وكلمات خافتة. ورغم ما تحاوله وسائل الإعلام الأميركية من تصوير لكاسترو على أنه دكتاتور فظ أوقف حركة التنمية الاقتصادية الكوبية بسبب منعه لجميع المبادرات الفردية الخاصة من العمل داخل كوبا، فإن صورته أمام شعبه هي عكس ذلك تماماً؛ فهو بطل قومي حمى كوبا من استغلال وجشع التجار والرأسماليين وغرس في نفوس شعبه ضروباً من الكرامة والعزة الوطنية حمتهم، وجعلتهم شعباً منتجاً محباً للعمل. ما يهمنا نحن في دولة الإمارات من كل ذلك، هو المستقبل؛ فكوبا ما بعد فيدل كاسترو، وإن حكمها شقيقه الأصغر راؤول كاسترو، إلا أن الأخير ليس مثل شقيقه. فالمصادر التي تحدثت عن راؤول حتى الآن تشير إلى أنه لن يتخلى عن الطريق التي اختطها شقيقه دفعة واحدة، لكنه سيقوم بإصلاحات جوهرية على الصعيد الاقتصادي تخفف عن الشعب الكوبي وطء السياسات الاشتراكية التي أغلقت أمام كوبا معظم التعاملات التجارية والاقتصادية مع الخارج، وجعلتها منغلقة على نفسها لمدة طويلة. لذلك فإن دولة الإمارات، وعلى الصعيدين الاقتصادي والاستثماري، تستطيع منذ الآن، استكشاف الأوضاع الكوبية، وبدء المفاوضات لكي تعطي نفسها مرحلة انتقالية كافية تتمكن خلالها من تحديد توجهاتها الاقتصادية تجاه كوبا. فكوبا ستكون دون شك أرضاً استثمارية خصبة في مرحلة ما بعد فيدل كاسترو، وهي آخذة في إعداد نفسها منذ مدة وبتوجيه من بعض أعضاء النخبة الثورية لمرحلة جديدة. وهذا الأمر ليس بالمستحدث، فالشعب الكوبي لديه تطلعات لحياة أفضل منذ أن بدأت الحرب الباردة في الانحسار وما تلا ذلك من تداعيات. لقد اتضحت بوادر ذلك عندما قام وزير المالية السابق ونائب الرئيس حالياً "كارلوس لاج" بجولات له في دول أوروبا الغربية على مدى عدة شهور بهدف وضع مشروع متكامل للإصلاح الاقتصادي ينقل كوبا من نمط الاقتصاد المركزي الموجه إلى نمط اقتصادي جديد يقوم على المبادرات الفردية. لقد كان هدف المشروع تشجيع الاستثمارات الخاصة؛ بدءاً بالمشاريع الصغرى، على أمل الانتقال إلى مشاريع الدولة والمشاريع الاستثمارية الكبرى للقطاع الخاص الأجنبي لاحقاً تحت إشراف الدولة. لكن يبدو أن فيدل كاسترو عمل على إيقافها على أسس أيديولوجية. ونظراً لأنه أصبح الآن طريح الفراش وبعيداً عن دوائر السلطة والقوة واتخاذ القرار، فإن احتمال عودة ذلك المشروع، بالإضافة إلى مشاريع أخرى جديدة أكثر تطوراً وجرأة وصدقية، وارد جداً، واحتمال أن يتم توسيعها خارج النطاق الأوروبي لكي تشمل البلاد النامية القادرة، كدولة الإمارات، أمر مرحب به، خاصة في أوساط الشعب الكوبي الذي لايزال يتحسس من الدول الرأسمالية الكبرى كالولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية. إن دولة الإمارات تستطيع مساعدة كوبا كثيراً عند تدشين مرحلتها الانتقالية فيما بعد كاسترو، فهي تستطيع إعطاء كوبا مداخل إلى الاقتراض على مستويات صغيرة، وبالتوجه إلى السوق الكوبية لشراء السلع الغذائية خاصة تلك التي تشتهر كوبا بإنتاجها بكميات ضخمة وبتكاليف رخيصة، وباستيراد السلع المصنعة الخفيفة أو تلك التي تنتج بتمويل وإشراف كامل من قبل الدولة. وفي مراحل لاحقة تستطيع الإمارات بعد التأكد من أن عملية الاستثمار في كوبا تسير في الطريق الصحيح وأن المستقبل أمامها سيكون مناسباً، أن تدخل السوق الكوبية. إن كوبا لو شرعت بالسير في طريق الانفتاح، ستحتاج إلى إصلاحات ضخمة في بنيتها التحتية، لو حدث وان أريد إدخال إصلاحات جذرية شاملة على الاقتصاد والحياة الاجتماعية، وفي هذه الحالة سيكون لدى دولة الإمارات الكثير الذي تقدمه للشعب الكوبي كاستثمارات ذات عائد مجزٍ ينفع الطرفين. إن الدخول إلى سوق الاستثمار في كوبا مبكراً عن طريق التمهيد لذلك، مهمة ستحتاج إلى وجود رسمي لدولة الإمارات هناك للإشراف وتسهيل الأمور لرؤوس الأموال الوطنية الداخلة.