الرسالة المهمة التي يجب أن يفهمها العالم ويضعها في قاموسه السياسي وهو يبحث عن سبب الإرهاب، أن إسرائيل هي المنتج الرئيسي والأول لحالة الإرهاب في العالم، بما تفعله في فلسطين من احتلال للأرض وإبادة ممنهجة للسكان، على نحو يشبه "هولوكوست" المحرقة النازية. فهذا الكيان هو من ينتج ويصدر حالة الإرهاب في العالم، باعتباره كياناً قام على الإرهاب والقتل والتدمير، ولا يمكنه الاستمرار إلا من خلال ذلك الأسلوب. وكما قال مناحيم بيجن رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع مصر:" إن إسرائيل لا تعيش إلا بالتوسع المباشر الذي يحدث فقط باحتلال أراض عربية تكون أشد خصوبة وأوفر مياهاً ولو اقتضى الأمر طرد سكانها، أو بدل الطرد الاغتيال والقتل..." وأيضاً قال الحاخام "يهودا ميمون" وزير الأديان الإسرائيلي الأسبق: "إن حدود إسرائيل الحالية مجرد قسم صغير من أقسام دولة إسرائيل الحقيقية التاريخية". والكلام نفسه يكرره اليوم العديد من المسؤولين الصهاينة ولكن بصيغ مختلفة. فالسلوك الإسرائيلي، السياسي والعسكري، في المنطقة، يؤكد أن هذا الكيان الذي أفقد العالم العربي الكثير من الوقت والجهد والمال بسبب حروبه العدوانية المستمرة، لن يتوقف عن السلوك النازي الذي يمارسه ضد الشعب الفلسطيني، والذي وصل حد تهديد نائب وزير الحرب الصهيوني "ماتان فيلنائي"، الجمعة 29/2/2008، الفلسطينيين "بمحرقة" أخرى على غرار الهولوكست، في إشارة إلى حرب إبادة جماعية واسعة. وتحاول إسرائيل التغلغل داخل بعض الدول العربية والأفريقية، وخطورة ذلك الاختراق والتمدد، أنه يأتي في مرحلة تتسم بحالة شديدة من الضعف العربي، لاسيما بعد الاحتلال الأميركي للعراق والذي كانت محرضاً أساسياً على غزوه، وهي تحاول الآن تفجير الوضع اللبناني من الداخل بهدف إشعال حرب أهلية هناك. هذا إضافة إلى دورها الواضح في أحداث دارفور والجزائر وبعض التفجيرات والاغتيالات والفتن الطائفية والأعمال الإرهابية في مناطق أخرى من العالم العربي. ويكفي كمثال واحد على خطورة هذا الاختراق والتغلغل، ما صرح به مسؤول أمني موريتاني لإحدى الصحف الخليجية الصادرة يوم 29/2/2008، من أن خلية من "الموساد" داخل سفارة الكيان الصهيوني في نواكشوط، تقف وراء المناشير التي ظهرت مؤخراً في موريتانيا بهدف تمزيق الوحدة الداخلية وإثارة النعرات العرقية، كمقدمة لخلق بؤرة توتر اجتماعي يمكن لاسرائيل استغلالها. وكان وفد موريتاني لدى الاتحاد الأوروبي، قد فوجئ قبل بضعة أشهر بوثيقة تصف العرب الموريتانيين بأنهم أقلية إقطاعية وعنصرية تحكم قبضتها على البلاد بالقوة وتقوم بتهميش الأفارقة. كما تضمنت الوثيقة إحصائية غريبة مفادها أن أفارقة موريتانيا يمثلون 70% من السكان، وتبين لاحقا أن السفير الإسرائيلي في موريتانيا هو من سلم الوثيقة للاتحاد الأوروبي. نحن بالفعل أمام مخطط خطير تجري أحداثه على أرض فلسطين وتقوده الحركة الصهيونية الجديدة بأسلوب في غاية الخطورة، خاصة بعد تمدد اليد الإسرائيلية في المنطقة العربية. وإذا لم يكن هناك تحرك عربي جاد اتجاه ما يجري الآن من أحداث في فلسطين ومخططات التغلغل الإسرائيلي داخل الجسد العربي والأفريقي، فإن هيمنة إسرائيل على المنطقة العربية ستجعل مستقبل العرب في وضع خطير، لذلك لا بد أن تتوحد الجهود العربية والإسلامية على استراتيجية ردع واحدة وواضحة، وأن يلتزم الجميع بمنهج واضح لدعم الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية في وجه الاحتلال الصهيوني، فذلك حق من حقوق شعب عانى كثيراً في الدفاع عن الأرض والمقدسات ومطالب الحرية والاستقلال، ففلسطين هي القضية المركزية لسائر العرب.