عودة الشيوعية التي قبرت في دارها إلى السطح بمناسبة تنحِّي "كاسترو" عن الحكم في كوبا التي عاشت قرابة نصف قرن من عمر تخلفها في عناد نفسها مع أميركا التي تقدمت عليها بقرون ضخمة مقارنة بتراجع كوبا إرضاء للعيون الحمراء في ثورة "جيفارا" الذي تخصص في التلذذ بالقتل المقيت كما كان ذلك في المشهور من صفات "بيجن" السادية في قتل الفلسطينيين وفق نظريته في سِفره "سلام القبور" حيث يصوب المسدس على جمجمة الشخص ويطلق عليه رصاصات الموت الزؤام مرات عديدة يتذوق خلالها اللذة حتى يتأكد شخصياً من أن الموت المحتوم وجد طريقه إلى جسد المقتول. يقول أحد المدافعين عن إنسانية "ستالين" إنه كان مهتماً جداً بجنوده إلى درجة أنه رأى أحدهم يلبس حذاء مهترئاً وممزقاً إلى درجة إدرار الشفقة والمسكنة فالتفت إليه قائلاً: ألا تملك حذاءً غيره؟ فأجاب بالنفي، فأمر له بالجديد من أجل أن يكمل مسيرة الذبح ولم يكن قائد الجيش يملك صلاحية تبديل قطع غيار جنوده في ساحات الوغى التي كانت تدار ضد أي شيء اسمه إنسان أو معنى يحوم حوله. اليوم جاءت لحظة سقوط هذا السور الستاليني ويبارك العالم الحر هذا الفعل الإرادي لأن صاحبه غير قادر على الاستمرار في ممارسة السلوك الستاليني المعروف لدى العالم الذي انعتق من هذا الإطار منذ سقوط الراعي الرئيسي والحصري له وهو الاتحاد السوفييتي السابق. وسر استمرار هذا النظام هو الشعار المعادي لأميركا الذي ردده ولا زال قرابة نصف قرن، وأميركا معشعشة في خليج "جوانتانامو" دون أن يمارس النظام خطوة إلى الأمام لإخراج المحتل من أرضه. والأهم من كل ذلك نرى الحصاد المُر الذي خرج به "كاسترو الستاليني" لصالح هذا الشعب الذي يحترق لإمداد النظام الشيوعي بالحياة. الثمار المرة لهذا الحصاد جاءت على لسان إحدى الصحف الغربية ساعة تنحي الزعيم حيث ذكرت: الشيوعية شكلت فشلاً ذريعاً حيثما خرجت، وكوبا لم تشذ عن ذلك، إن الكوبيين الذين حرموا من صناديق الاقتراع اختاروا التصويت بأرجلهم، حيث فرَّ نحو مليوني كوبي -من أصل 11 مليوناً- عبر البحر إلى ولاية فلوريدا الأميركية منذ 1959 بحثاً عن الحرية السياسية والفرص الاقتصادية، في حين كان مصير 70000 آخرين الغرق في المياه التي تعج بأسماك القرش. إنه بالرغم من أن الشيوعيين الكوبيين يدعون أن الرأسمالية عموماً، والولايات المتحدة خصوصاً، تستغل العمال، فإنهم يتوقون إلى التجارة مع أميركا، فهي تشتري منهم قرابة 500 مليون دولار من المنتجات الزراعية. فالكوبيون "المنفيون" يرسلون إلى أسرهم الأقل حظاً في كوبا نحو مليار دولار من التحويلات المالية سنوياً، كما أن 20000 كوبي يتم قبولهم في الولايات المتحدة كل عام، وهو ما يمثل صماماً لمرجل الضغط، لولاه لانفجر البلد منذ زمن طويل، وتضاف إلى ذلك الخسارة الاقتصادية التي لحقت بكوبا منذ فرض الحصار عليها والتي قاربت 90 مليار دولار، فالسيجار المعروف في كوبا لن يقيم لهم أوداً ولن يطعمهم خبزاً، ولا الأدوية العشبية التي تطيل أعمار زعمائهم سوف تعالج أدواءهم، بل هي تطيل زمن المعاناة عقوداً أخرى. ولا نستبعد إذا ظل الحال على ما هو عليه في زمن "راؤول" الذي حبس نفسه مبدئياً في جلد "كاسترو"، أن يفر نصف الشعب الكوبي من هجمة الأسد إلى فم القرش المترصِّد له أو جنة الحرية في أميركا، التي ترحب بشعب كوبا للانتقال إلى ذات الجنة في دارها.