في أحد المراكز التجارية بمدينة "أوزاكا" اليابانية، يمكن للزوار الذين يضلون طريقهم في متاهات المركز، أن يتلقوا الإرشاد من إنسان آلي "روبوت". وفي مختلف مستشفيات أميركا تؤدي الروبوتات حالياً، وظائف مثل تسليم مفارش الأسرّة ووجبات الطعام إلى الغرف. وفي بعض المنازل الأميركية تضطلع الروبوتات بأداء مختلف الأعمال المنزلية، مثل تنظيف الغرف بالمكنسة الكهربائية وتسليك أنابيب الصرف الصحي. وهناك أيضاً شركة واحدة على الأقل تعمل من أجل إنتاج روبوت يؤدي طائفة من الأعمال الزراعية. ونظراً لتزايد أعداد الروبوتات القادرة على العمل جنباً إلى جنب مع البشر، فإن صناعة الخدمات تحديداً، قد تواجه نمطاً غدا مألوفاً للغاية في قطاع الصناعة، وهو حلول الروبوتات محل البشر في أداء الوظائف. لإلقاء الضوء على ذلك يقول "مارشال برايان"، عالم مستقبليات، إن قطاع الخدمات الذي يشكل جزءاً كبيراً من المشهد التوظيفي في الولايات المتحدة، "سيتحول ذات يوم حتماً إلى مكان يمكن فيه تعويض ملايين البشر بروبوتات، تعمل على مدار اليوم وطيلة الأسبوع، مقابل أجور أقل". ورغم أن الأمر قد يستغرق عقداً من الزمن، أو ربما أكثر من ذلك قبل أن تتمكن روبوتات مثل (Robovie) الذي طورته شركة يابانية، والذي يقوم بإرشاد التائهين إلى الطريق الصحيح، من الانتشار على نطاق واسع في الحياة اليومية، إلا أن صناعة الروبوتات قد أصبحت مهيأة للبدء في إنتاج الروبوتات التي تستطيع في النهاية أن تحل محل المرشدين السياحيين وخدم الفنادق. حول هذه النقطة يقول "جويل بورديك" أستاذ الهندسة الميكانيكية والمتخصص في الروبوتات بمعهد كاليفورنيا للتقنية في باسادينا إن التعامل مع البشر أصبح مسألة معقدة، حيث "يستغرق الأمر منا سنوات حتى نكبر ونصبح قادرين على فهم الإتيكيت وقواعد السلوك الاجتماعي". ورغم أن بورديك يريد أن يقول إن ذلك لا ينطبق على الروبوتات، فالحقيقة هي أن البشر ذاتهم سيكونون في حاجة لبعض الوقت، حتى يتمكنوا من إنتاج روبوتات لديها القدرة على فهم العواطف البشرية، بدرجة تكفي لإسعاد هؤلاء البشر من خلال القيام بأداء وظائف الخدمات بالنيابة عنهم. وبالفعل فقد بدأت الروبوتات زحفها إلى صناعة الخدمات. وهذه الروبوتات التي لا تبدو من حيث الشكل مثل الروبوتات التي نعرفها، تأتي في صورة خطوط مميكنة لدفع قيمة السلع المشتراة في محلات السوبر ماركت، أو في صورة أكشاك تعمل باللمس للتعامل مع القادمين والمغادرين في المطارات. ويشار إلى أن الروبوتات المتنقلة الذاتية الحركة قد بدأت في الظهور أيضاً. ففيما يزيد عن 100 مستشفى في الولايات المتحدة، تتلقى الممرضات في الوقت الراهن المساعدة من روبوتات، تقوم بجر عربات يتم عن طريقها، تسليم كل شيء بدءاً من مفارش الأسرة والوسائد وحتى وجبات الطعام. فبمجرد شحن الروبوتات، وتحديد الجهة المقصودة لها، تبدأ في التحرك عبر الممرات المزدحمة، متجنبةُ العقبات والعراقيل خصوصاً تلك التي تظهر في طريقها فجأة. وإذا ما حدث أن وصلت تلك الروبوتات إلى طريق مسدود، فإنها تطلب المساعدة فوراً من قسم المعاونة المختص، حيث يرشدها أحد الفنيين بالقسم للالتفاف حول العقبة التي تواجهها، أو يقوم بطلب رقم أحد الموظفين في المستشفى لإزالة تلك العقبة من أمام الروبوت. وتأمل بعض الشركات حالياً في أتمتة جهاز للعمل في المزارع، للتغلب على النقص في العمالة الزراعية، التي يقول بعض المحللين إن أزمتها سوف تتفاقم، إذا ما أصرت سلطات الهجرة الأميركية على الاستمرار في اتخاذ إجراءات صارمة بشأن استقدامها. ودخول روبوتات مثل تلك التي تعمل في المستشفيات إلى سوق وظائف الخدمات، ليس سوى مسألة وقت، كما يقول الخبراء الذين يؤكدون أيضاً أن الروبوتات ستتنافس تنافساً مباشراً مع البشر في تلك الخدمات. ومن اللافت أن أحد سلاسل الفنادق الكبرى في أميركا قد اتصل بشركة "آيثون" للاستفسار عن إمكانية استخدام روبوت الخدمة في المستشفيات، لأداء خدمات الغرف كذلك. ويشار هنا إلى أنه رغم حقيقة أن الشركات قد ركزت حتى الآن على الروبوتات التي تقوم بأداء خدمات المستشفيات، فإن ملاك الفنادق أصبح باستطاعتهم- كما يفترض- الاستعانة بخدمات مراكز النداء في الهند لتلبية كافة طلبات خدمات الغرف، حيث يقوم أي مركز من تلك المراكز بإرسال رسالة بالبريد الإليكتروني إلى العاملين في المطبخ، والذين يقومون حينئذ بتحميل تلك الطلبات على جهاز أداء الخدمة في المستشفيات، كي يقوم بتسليم المطلوب. من نواح عديدة، يمكن المقارنة بين إدخال الروبوتات في صناعة الخدمات، وبين ذلك الوقت الذي دخلت فيه الكمبيوترات الشخصية إلى مجال المكاتب، ما أدى إلى توفير العديد من إجراءات إمساك الدفاتر والوظائف المحاسبية. وكما يقول "جون وين"، مدير مركز تقنيات الأتمتة والأنظمة في معهد "رينسيلاير التطبيقي" في نيويورك، فإن "العديد من الناس الذين كنا نحتاج إليهم قبل عشرين عاماً لم يعد هناك حاجة لهم في الوقت الراهن بسبب انتشار الكمبيوترات. ومن ناحية أخرى وجدنا أن تلك الكمبيوترات الشخصية قد أفرزت بدورها صناعة أخرى ضخمة هي صناعة الروبوتات التي سيكون لها نفس التأثير الذي كان للكمبيوترات الشخصية في بداية ظهورها". توم إيه. بيتر كاتب متخصص في الشؤون العلمية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"