بعبارة "العقل العربي بين الماضي والحاضر" عنون الدكتور علي الطراح مقاله المنشور يوم الأربعاء الماضي، وأود الإشارة إلى أن بعض الكُتاب يفترض معارك وهمية، فلا أحد يدعو إلى إعادة التاريخ أو اجترار الماضي، كشرط للنهضة. ولكن يظل من الحقيقي أن نهضة الأمة مشروطة باستعادة القيم التي نهضت بها، وبفضلها كان للأمة مكانة في التاريخ وإسهام في الحضارة الإنسانية. ويوم ضيعت تلك القيم فقدت الأمة بوصلتها، فذلك الماضي حمل قيم الإيمان بالله والتوكل عليه والثقة الدافعة إلى الإقدام. كما تضمن قيم العدل والشورى والحفاظ على حقوق الإنسان في الحكم، وقيم السعي واحترام العمل، وفريضة السعي في الأرض في مجال الاقتصاد، وأكدت تلك القيم على وحدة الأمة والأخوة الإيمانية، والوحدة الإنسانية، وشرعت لقيم التعاون بين البشر جميعاً على الخير والبر في مجال العلاقات الدولية، إلى غير ذلك من القيم التي لا تتساقط بمرور الزمان، بل لابد من استحضارها واستعادتها كشرط ضروري لا غنى عنه لبداية حركة التقدم. فإذن لا بد من التمييز بين ما تضمنه الماضي من تراث وتجارب، فمن المستحيل أن يستدعى التراث كله ويستعاد الماضي بكل تجاربه، كما أنه ليس من العقل والحكمة الدعوة إلى إسقاط الماضي كله. د. أحمد الجلي- جامعة أبوظبي