نحو واقعية استراتيجية في قبرص... ودعوة لمساعدة كوبا هل ينجح الرئيس القبرصي الجديد في توحيد الجزيرة المقسمة؟ وكيف يمكن مساعدة كوبا ما بعد كاسترو؟ وكيف أخطأ الكريملن بمنع رئيس "هيومان رايتس ووتش" من دخول روسيا؟ وماذا عن ملامح السياسة الخارجية للرئيس الكوري الجنوبي الجديد؟ تساؤلات نضعها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية. فجر الواقعية الاستراتيجية في قبرص: تحت هذا العنوان، وفي "جابان تايمز" اليابانية، كتب "جوين داير" يوم الأحد الماضي مقالاً، رأى خلاله أن نتائج الانتخابات الرئاسية في قبرص تحمل شيئاً من الأمل للجزيرة، لأن "تاسوس بانادوبولس" الذي خسر في الانتخابات الرئاسية وقف حجر عثرة أمام خطة الأمم المتحدة الرامية لإنهاء تقسيم قبرص، بينما"ديميترس كريستوفاس" زعيم الحزب الشيوعي والفائز في الانتخابات يوافق على خطة السلام التي طرحت قبل أربع سنوات، ما يعني أن القبارصة اليونانيين مستعدون الآن لإعادة النظر في التسوية النهائية التي طرحتها المنظمة الدولية، وقوبلت بالرفض في استفتاء عام 2004."كريستوفياس" الفائز في الانتخابات الرئاسية، يصر على أن اتفاق الأمم المتحدة الصادر عام 2004 بشأن إعادة توحيد قبرص قد انتهى، خاصة أن المنظمة الدولية ترى أن على القبارصة الأتراك واليونانيين التوصل إلى اتفاق يصيغونه بأنفسهم هذه المرة. الكاتب، وهو صحفي كندي مقيم في لندن يرى أنه بعد 60 عاماً يبزغ فجر الواقعية الاستراتيجية في قبرص، فوفق إحصاءات قديمة يتحدث 80% من سكان الجزيرة باللغة اليونانية مقابل 20% يتحدثون باللغة التركية، وإذا كانت الجزيرة تقع غرب السواحل اليونانية لكان من السهل دمجها مع اليونان، لكنها تقع قرب السواحل الجنوبية لتركيا، كما أن المسافة بينها وبين اليونان أكبر عشر مرات من المسافة بينها وبين تركيا. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تركيا تتفوق عسكريا على اليونان، فسكان الأولى أكبر بسبعة أضعاف من سكان الثانية. وربما يتعاطف الشعب اليوناني مع القبارصة اليونانيين، لكن أثينا غير راغبة أبداً في خوض حرب ضد تركيا من أجلهم. هذه الاعتبارات هي التي جعلت من دستور قبرص أشبه بوثيقة مفعمة بالتعقيدات البيزنطية، وأدى إلى تقسيم كل مؤسسة حكومية بين القبارصة الأتراك ونظرائهم اليونانيين، ما يضع "فيتو" على كل قرار يتم اتخاذه، وفي عام 1963 حاول القبارصة اليونانيون المحبطون تغيير الأوضاع، ما فاقم الشكوك المتبادلة بين القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك الذين عاشوا عاماً كاملاً في ظل مقرات محاطة بالمتاريس، بعدها تدخلت قوات حفظ سلام أممية وتجمد النزاع عقداً كاملاً، إلى أن دعمت الطغمة العسكرية في اليونان آنذاك انقلاباً على حكومة القبارصة الأتراك وشكلوا بعدها نظاماً تبنى توحيد الجزيرة ودمجها مع اليونان، ما دفع الأتراك إلى غزو شمال قبرص لتوفير ملاذ آمن للقبارصة الأتراك، وساعتها لم يحرك الجيش اليوناني ساكناً. اتفاق السلام الأممي الصادر عام 2004 والذي رفض عبر استفتاء شعبي، يتضمن إنشاء جمهورية ثنائية القومية تقوم على مناطق ثنائية العرقية يدير خلالها القبارصة الأتراك شؤونهم بأنفسهم، أي ليس كما هو الوضع الآن حيث يهيمن القبارصة اليونانيون على الجزيرة، الاتفاق يسمح لبعض لاجئيهم بالعودة إلى شمال قبرص ويتضمن سحب القوات التركية. وإذا كان الرئيس "تاسوس باندابوليس" قد أقنع القبارصة برفض اتفاق 2004، فإن القبارصة رفضوا هذا الرجل في انتخابات 2008. قد يبدأ الرئيس الجديد محادثات مع القبارصة الأتراك، وبالواقعية يمكن التوصل خلال عام إلى اتفاق حول مستقبل قبرص. مد يد العون الى كوبا: خصص"جوردون بارتوس" مقاله المنشور في "تورنتو ستار" الكندية، يوم السبت الماضي، لرصد الموقف الأميركي من استقالة الزعيم الكوبي"فيديل كاسترو". "بارتوس" قال: كان بمقدور الرئيس بوش مد يد المبادرة إلى من سيخلف كاسترو، وأن يرفع العقوبات التي تفرضها بلاده على هافانا، والتي كلفت الكوبيين خسائر قدرها 86 مليار دولار، لكن بدلاً من ذلك سخر بوش من "أخوان كاسترو" ومن الانتخابات الكوبية، وأبدى تعاطفه مع المعارضين الكوبيين القابعين في السجون. صحيح أن الحكومة الكوبية عكست طوال العقود الماضية شخصية "فيديل"، ما جعل 11 مليون كوبي يتوقون إلى الحرية السياسية وإلى حياة أفضل وعلاقات أقل توتراً مع الولايات المتحدة، لكن يُحسب لفترة كاسترو أنها جعلت الكوبيين أفضل حالاً من شعوب كثيرة داخل أميركا اللاتينية، خاصة في مجالات التعليم والصحة والإسكان. وإذا كان بوش مشمئزاً من أخوان كاسترو، فإن واشنطن تتعامل بصورة روتينية مع النظم الشيوعية، وخلال العام الماضي وصلت قيمة التعاملات التجارية بين أميركا والصين وفيتنام ولاوس وكوريا الشمالية قرابة 400 مليار دولار، وهذه الدول تتلاعب في الانتخابات ويقبع معارضوها في السجون. والولايات المتحدة نفسها صدرت مواد غذائية ومنتجات زراعية ومستلزمات طبية بقيمة 450 مليون دولار إلى كوبا. وحسب الكاتب، طالب تيار "المحافظين" الكنديين رئيس وزرائهم "ستيفن هاربر" بأن يربط تجارة بلاده مع هافانا البالغة قيمتها مليار دولار بتحسن حالة حقوق الإنسان في كوبا، ويمكن للدبلوماسية الكندية إجراء حوار مع الجيل الجديد في هافانا وتشجيع النخبة السياسية هناك على إطلاق سراح المعارضين وتحرير الإعلام وتطبيق اقتصاديات السوق. الكريملن و"هيومان رايتس ووتش": في افتتاحيتها ليوم الجمعة الماضي، وتحت عنوان "الكريملن يطلق النار على قدميه"، انتقدت "ذي موسكو تايمز" الروسية قرار الكريملن رفض منح "كينيث روث" رئيس "هيومان رايتس ووتش" تأشيرة دخول لروسيا، بغرض منعه من تقديم تقرير مهم في العاصمة الروسية، يحمل عنوان "البيروقراطية الخانقة: الدولة تعرقل نشاط المجتمع المدني"، ينتقد فيه القيود التي تفرضها السلطات الروسية على المنظمات غير الحكومية. قرار منع دخول "روث" يجعل من تقريره مادة مثيرة في وسائل الإعلام، لتصبح خبراً في الصفحة الأولى بجريدة "كوميرسانت"و"ذي موسكو تايمز". وإذا كانت روسيا راغبة في إيجاد أي مردود لملايين الدولارات التي تقدمها للوكالات الغربية المتخصصة في العلاقات العامة، من أجل تلميع صورة موسكو، فإن عليها التخلي عن مقاربة القبضة الحديدية التي تتعامل بها المنظمات غير الحكومية، التي تنتقد سلوك الكريملن. منع ناشط أو حتى رئيس منظمة غير حكومية من دخول روسيا لن يمنع صدور انتقادات لموسكو، فهناك دائماً أشخاص آخرون- ومنهم روس- يستطيعون القيام بمهمة الناشط الممنوع من الدخول. وإذا كان الكريملن غير مستعد للتسامح مع أصوات النقد داخل روسيا، فعليه ألا يتظاهر بالديمقراطية، وإغلاق كل المنظمات غير الحكومية وإعادة فرض الستار الحديدي من جديد. سياسة خارجية براجماتية بفريق "محافظ": هكذا عنون "لي جو -هي" تقريره في "كوريا هيرالد" الكورية الجنوبية يوم أمس الاثنين، مشيراً إلى أن "لي ميونج-باك"الرئيس الكوري الجنوبي الذي تسلم السلطة رسمياً يوم أول من أمس الأحد تعهد بتعزبز دبلوماسية بلاده خاصة في مجال التنافس على الموارد الطبيعية والمشاركة في عمليات حفظ السلام، وتطوير العلاقات مع أميركا والتفاوض بفعالية مع كوريا الشمالية. "ميونج" اختار "يو ميونج هوان" المعروف بصداقته لأميركا وزيراً للخارجية، كما تم تعيين الدبلوماسي المحترف "نام جو هونج" وزيراً للوحدة، علماً بأنه معاد لكوريا الشمالية، كما تم تعيين"كيم بايونج" الذي تلقى دراسته في الولايات المتحدة، وأحد المقربين من "ميونج" في منصب كبير مستشاري الرئيس للشؤون الخارجية. إعداد: طه حسيب