لم يواكب "قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية"، والذي يعد واحداً من أهم الأسلحة لمحاربة الإرهاب وغيره من التهديدات الاستخباراتية الأجنبية، الثورة التكنولوجية التي شهدناها خلال السنوات الثلاثين الماضية. غير أننا نوشك أن نجعل وسيلة القرن العشرين هذه مواكبةً لتكنولوجيا وتهديدات القرن الحادي والعشرين؛ فقد مرر مجلس الشيوخ الأميركي مشروع قانون قوي من شأنه أن يعصْرن هذا القانون ويحقق المطلوب إزاء الشركات التي لبت نداء بلدها ولم تتوان في تقديم المساعدة وقت الشدة. كما من شأنه أن يحمي الحريات المدنية التي ننعم ونفتخر بها نحن الأميركيين. فمشروع القانون معروض اليوم على أنظار مجلس النواب. لقد عملنا مع الكونجرس منذ سنتين تقريباً على عصرنة "قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية" حتى تستطيع أجهزة الاستخبارات جمع المعلومات اللازمة لحماية بلدنا من الهجمات، وهو هدف يقتضي تعاوناً طوعياً من قبل القطاع الخاص. غير أنه كانت ثمة -للأسف- ثغرات كبيرة في قدرتنا على جمع المعلومات الاستخباراتية حول الإرهاب والتهديدات الوطنية الأخرى، لأنه لم تتم عصرنة قانون 1978 على نحو يواكب تكنولوجيا الاتصال العالمية المستعملة اليوم. والواقع أن "قانون حماية أميركا"، والذي مرره الكونجرس في أغسطس المنصرم، سد مؤقتاً الثغرات التي تعتري جمع المعلومات الاستخباراتية، لكنه أغفل أمراً هاماً، هو الحماية ضد المسؤولية بالنسبة لتلك الشركات المنتمية للقطاع الخاص، والتي ساهمت في الدفاع عن البلاد بعد هجمات الـ11 سبتمبر. وقد أدليتُ هذا الشهر بشهادتي أمام الكونجرس، إلى جانب رؤساء وكالات الاستخبارات الآخرين، حول التهديدات التي مازالت تحدق بالولايات المتحدة من قبل الإرهابيين وأهداف استخباراتية خارجية أخرى. وأكدنا جميعاً على أن تشريعاً طويل الأمد يعصرن "قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية" ويوفر الحماية ضد المسؤولية بأثر رجعي، أمر يكتسي أهمية بالغة بالنسبة لعملنا. وفي هذا السياق، قال مدير المكتب الفدرالي للتحقيقات "إف. بي. آي." لمجلس الشيوخ إنه "لحماية الوطن، من الضروري الحصول على دعم الشركات الخاصة". والحقيقة أن هذا ليس بالأمر الجديد، فقد أكد زعماء أجهزة الاستخبارات مراراً، خلال جلسات الاستماع أمام الكونجرس، على أن توفير الحماية ضد المسؤولية بأثر رجعي أمرٌ أساسي وضروري لعملنا. ذلك أننا نواجه صعوبات كبيرة في العمل مع القطاع الخاص اليوم بسبب التجنب المستمر لتناول هذا الموضوع. وكما أشرنا أمام مجلس النواب، فإذا لم نتناول موضوع الحماية ضد المسؤولية، فإن ذلك "سيقوض قدرات أجهزة استخباراتنا على الاضطلاع بمهمتها الرئيسية المتمثلة في توفير التحذيرات وحماية البلاد". وكان من المرتقب أن تنتهي صلاحية "قانون حماية أميركا" في الأول من فبراير، غير أن الكونجرس وافق على تمديده لفترة 15 يوماً ليمنح لنفسه وقتاً قال المشرعون إنه ضروري لإتمام العمل على تشريعٍ يعصرن "قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية" ويعالج موضوع الحماية ضد المسؤولية. وقد وقّع الرئيس بوش هذا التمديد؛ غير أن أجله ينقضي اليوم (السبت) في حال لم يتحرك الكونجرس مرة أخرى. ويزعم البعض أن انقضاء أجل "قانون حماية أميركا"، لن يؤثر كثيراً على عملنا؛ والحال أن الحقائق تفند هذه الادعاءات. فبدون ذلك القانون، فإن برامج هامة للغاية، سيصبح مصيرها التأخير وحالة عدم اليقين؛ كما ستتراجع قدراتنا باستمرار. فبفضل "قانون حماية أميركا"، كنا نحصل على معلومات قيمة كانت تساعدنا على إحباط المخططات الإرهابية. لذلك فمن شأن انقضاء أجل هذا القانون أن يؤدي إلى فقدان أدوات هامة يعتمد عليها رجالنا لاكتشاف مواقع ونوايا وقدرات الإرهابيين والأهداف الاستخباراتية الأجنبية الأخرى في الخارج. هذا إضافة إلى أن بعض الأمور الهامة جداً، ومنها قدرتنا على التكيف مع التهديدات الإرهابية المتغيرة التي تستغل طرق الاتصال الجديدة، والتي تتطلب أحياناً مساعدة الشركات الخاصة، ربما تصبح مستحيلة. وعليه، فإن الصعوبات التي نواجهها في الحصول على هذه المساعدة الهامة من الشركات الخاصة قد تزداد سوءاً في حال انقضى أجل هذا القانون، أو تم تمديده لفترة قصيرة فقط بدون تناول الموضوع. وبالتالي، فإنه بدون تشريع طويل الأمد يتضمن الحماية ضد المسؤولية، سنبقى متأخرين في جمع المعلومات الاستخباراتية اللازمة لحماية البلاد، بل قد نضيعها بكل بساطة. والواقع أنه يمكن تلافي كل هذه المتاعب. فقد أقرت لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ، وبعد مراجعة عميقة لعملياتنا، بأهمية توفير الحماية ضد المسؤولية بالنسبة للأطراف التي ساعدت بلدنا في وقت الشدة؛ حيث ورد في تقرير اللجنة أنه "بدون حصانة بأثر رجعي، فإن القطاع الخاص قد لا يرغب في التعاون مع الطلبات القانونية للحكومة مستقبلاً بدون تدخل غير ضروري من قبل المحكمة ودعوى قضائية مطولة. وعليه، فإن الانخفاض الممكن في المعلومات الاستخباراتية الذي قد ينتج عن هذا التأخير، هو بكل بساطة أمر غير مقبول بالنسبة لأمن وسلامة بلدنا". إننا في أجهزة الاستخبارات الأميركية نتفق مع هذا الرأي؛ ونحث الكونجرس على التحرك حتى لا تكون لدينا مرة أخرى ثغرات وهفوات في جمع المعلومات الاستخبارتية اللازمة لحماية البلاد بسبب قانون انقضى أجله أو تخلفٍ عن تحصين الشركات الخاصة ضد المسؤولية، وهي التي ساهمت في حماية البلاد. مايك ماكونيل ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"